للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المعنوي: فالأقسام ثلاثة في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (١) ونحوه.

أن يقال: استواء كاستواء مخلوق، أو يفسر باستواء مستلزم (٢) حدوثًا أو نقصًا، فإذا هو الذي يحكى عن الضلال المشبهة والمجسمة، وهو باطل قطعًا بالقرآن وبالعقل.

وإما أن يقال: ما تم استواء حقيقي أصلًا، ولا على العرش إله، ولا فوق السماوات رب، فهذا (٣) مذهب الجهمية الضالة المعطلة، وهو باطل قطعًا بما علم بالاضطرار من دين الإِسلام، لمن أمعن النظر في العلوم النبوية، وبما فطر الله عليه خليقته من الإقرار بأنه فوق خلقه، كإقرارهم بأنه ربهم.

قال ابن قتيبة (٤): ما زالت الأمم -عربها وعجمها، في جاهليتها وإسلامها- معترفة بأن الله في السماء، أي: على السماء.

أو يقال: بل استوى -سبحانه- على العرش على الوجه الذي يليق بجلاله، ويناسب كبرياءه، وأنه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، مع أنه -سبحانه- هو حامل للعرش، ولحملة العرش، وأن الاستواء معلوم، الكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، كما قالته (٥) أم سلمة، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك بن


(١) سورة طه، الآية: ٥.
(٢) في س، ط: يستلزم.
(٣) في س، ط: فإذا هو؛
(٤) انظر نحوه في: تأويل مختلف الحديث -لابن قتيبة- ص: ١٨٣.
(٥) في س، ط: قالت.
وانظر قول أم سلمة - رضي الله عنها - في "شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة -للالكائي- ٣/ ٣٩٧ - بلفظ: "الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والإقرار به إيمان والجحود به كفر".
أما قول ربيعة ومالك فقد تقدم ص: ٥٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>