للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} (١)، فميز الإيمان به من الإيمان بكلماته وكذلك قوله: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (٢) الآية، وقوله: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} (٣) فليس الغرض أنهم (لم) (٤) يهتدوا لمثل هذا في مثل هذا الأصل (٥) الَّذي لم يعرفوا فيه لا الإيمان ولا القرآن، وهما نور الله الَّذي بعث به رسوله كما قال: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} (٦).

وإنما الغرض أن التصديق قد صرح هؤلاء بأنه هو العلم، أو هو الاعتقاد إذا لم يكن علمًا، وأنهم مضطرون إلى أن يقولوا ذلك، وهو أبلغ من قول بعضهم: إنه مستلزم للعلم في تمام ما ذكره عن أبي القاسم الإسفراييني.

وقال (٧): "حكى الإمام أبو بكر بن فورك عن أبي الحسن أنَّه قال: الإيمان هو اعتقاد صدق المخبر فيما يخبر به، ثم من الاعتقاد ما هو علم، ومنه ما هو ليس بعلم، فالإيمان بالله هو اعتقاد صدقه، إنما يصح إذا كان عالمًا بصدقه في إخباره، وإنما يكون كذلك إذا كان عالمًا بأنه


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٥٨.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٣٦.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٨٥.
(٤) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٥) في س، ط: الأصلي.
(٦) سورة الشورى، الآيتان: ٥٢، ٥٣.
(٧) القائل: النيسابوري أبو القاسم.
وراجع حكاية ابن فورك عن أبي الحسن الأشعري في كتاب الإيمان -لابن تيمية ص: ١٢٥ مع اختلاف في الألفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>