للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأقاويل في معنى التصديق ما يوافق اللغة، لأن التكليف بالإيمان ورد بما يوافق اللغة، والإيمان بالله ورسوله على موافقة اللغة هو العلم بأن الله ورسوله صادقان في جميع ما أخبرا به، والإيمان في اللغة مطلقًا هو اعتقاد صدق المخبر في خبره، إلّا أن الشرع جعل هذا التصديق علمًا، ولا يكفي أن يكون اعتقادًا من غير أن يكون علمًا، لأن من صدق الكاذب واعتقد صدقه فقد آمن به، ولهذا قال في صفة اليهود: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} (١) يعني: يعتقدون صدقهما".

قلت: ليس الغرض هنا ذكر تناقضهم في مسمى الإيمان، وفي التصديق هل هو التصديق بوجود الله وقدمه وإلاهيته، كما قاله الأشعري؟ أو [هو] (٢) تصديق (٣) فيما أخبر به كما ذكره غيره؟ أو التناقض كما في كلام صاحب الإرشاد؟ حيث قال: الإيمان هو التصديق بالله، فالمؤمن بالله من صدقه، فجعل التصديق بوجوده هو تصديقه في خبره مع تباين الحقيقتين (٤) فإنه فرق بين التصديق بوجود الشيء وتصديقه، ولهذا يفرق القرآن بين الإيمان بالله ورسوله، وبين الإيمان للرسول، إذ الأول هو الإقرار بذلك والثاني هو الإقرار له، كما في قوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤمِنٍ لَنَا} (٥) وفي قوله {يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤمِنُ لِلْمُؤمِنِيْنَ} (٦)، وفي قوله: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ} (٧)، وقد قال:


(١) سورة النساء، الآية: ٥١.
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٣) في الأصل، س: تصديقه، والمثبت من: ط. وهو المناسب للسياق.
(٤) في الأصل: الحقيقين. والمثبت من: س، ط.
(٥) سورة يوسف، الآية: ١٧.
(٦) سورة التوبة، الآية: ٦١.
(٧) سورة التوبة، الآية: ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>