للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعتزلة بما ابتدعوه من المقالات وخالفوه من السنن والآثار (١) قدحوا فيكم بمثل ذلك، وإذا نسبتموهم (٢) إلى القدح في السلف والأئمة نسبوكم إلى مثل ذلك، فما تذمونهم به من مخالفة الكتاب والسنة والإجماع يذمونكم بنظيره، ولا محيص لكم عن ذلك إلا بترك ما ابتدعتموه وما وافقتموهم عليه من البدعة، وما ابتدعتموه أنتم، وحينئذ فيكون الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها سليمًا من التناقض والتعارض محفوظًا، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٣).

وبالجملة فعامة ما ذمه السلف والأئمة وعابوه على المعتزلة، من الكلام المخالف للكتاب والسنة والإجماع القديم لكم منه أوفر نصيب، بل تارة تكونون (٤) أشد مخالفة لذلك من المعتزلة، وقد شركتموهم (٥) في أصول ضلالهم التي فارقوا بها سلف الأمة وأئمتها، ونبذوا بها كتاب الله وراء ظهورهم، فإنهم لا يثبتون شيئًا من صفات الله تعالى، ولا ينزهونه عن شيء بالكتاب والسنة والإجماع [بل يزعمون أن معرفة صحة الكتاب والسنة والإجماع] (٦) موقوف على العلم بذلك، والعلم بذلك لا يحصل به لئلا يلزم الدور، فيرجعون إلى مجرد رأيهم في ذلك (٧)، وإذا استدلوا بالقرآن كان ذلك على وجه الاعتضاد والاستشهاد لا على وجه الاعتماد


(١) الآثار: ساقطة من: س.
(٢) في س: نسبتموه. وهو تصحيف.
(٣) سورة الحجر، الآية: ٩.
(٤) في الأصل: تكون. والمثبت من: س، ط. ولعله المناسب.
(٥) في ط: شاركتموهم.
(٦) ما بين المعقوفتين ساقط من: س، ط.
(٧) وشاركهم الأشاعرة في ذلك.
انظر: محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين -للرازي- ص: ٥١. حيث ذكر أن كل ما يتوقف العلم بصدق الرسول على العلم به لا يمكن إثباته بالنقل وإلا لزم الدور.

<<  <  ج: ص:  >  >>