للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاعتقاد، وما خالف قولهم من القرآن تأولوه على مقتضى آرائهم، واستخفوا بالكتاب والسنة وسموها (١) ظواهر، وإذا استدلوا على قولهم بمثل قوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} (٢) وقوله: {فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (٣) , أو قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (٤) , ونحو ذلك , لم تكن هذه النصوص هي عمدتهم ولكن يدفعون [بها] (٥) عن أنفسهم عند المسلمين، وأما الأحاديث النبوية فلا حرمة لها عندهم، بل تارة يردونها بكل طريق ممكن، وتارة يتأولونها، ثم (٦) أن يزعمون أن ما وضعوه برأيهم قواطع عقلية، وأن هذه القواطع العقلية ترد لأجلها نصوص الكتاب والسنة، إما بالتأويل، وإما بالتفويض، وإما بالتكذيب، وأنتم شركاؤهم في هذه الأصول كلها (٧)،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


(١) في ط: سموهما.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٠٣.
(٣) سورة الشورى، الآية: ١١.
(٤) سورة الحديد، الآية. ٤.
(٥) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٦) ثم: ساقطة من: س.
(٧) وقد خصص إمام الحرمين الجويني لذلك بابًا في "الإرشاد" ص: ٣٥٨ - ٣٦٠ أسماه "باب القول في السمعيات" قال فيه: "اعلموا، وفقكم الله تعالى أن أصول العقائد تنقسم إلى ما يدرك عقلًا، ولا يسوغ تقدير إدراكه سمعًا، وإلى ما يدرك عقلًا، ولا يتقدر إدراكه عقلًا، وإلى ما يجوز إدراكه سمعًا وعقلًا".
وبعد أن تكلم على كل قسم من هذه الأقسام قال: "فإذا ثبتت هذه المقدمة، فيتعين بعدها على كل معتن بالدين واثق بعقله أن ينظر فيما تعلقت به الأدلة السمعية، فإن صادفه غير مستحيل في العقل، وكانت الأدلة السمعية قاطعة في طرقها، لا مجال للاحتمال في ثبوت أصولها ولا في تأويلها -فما هذا سبيله- فلا وجه إلا القطع به.
وإذا لم تثبت الأدلة السمعية بطرق قاطعة، ولم يكن مضمونها مستحيلًا في العقل، وثبتت أصولها قطعًا، ولكن طريق التأويل يجول فيها، فلا سبيل إلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>