للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قوم بخلاف السنة، وتوقف قوم فأنكروا على الواقفة، كالواقفة الذين قالوا: لا نقول القرآن مخلوق، ولا نقول: إنه غير مخلوق، هذا مع أن كثيرًا من الواقفة يكون في الباطن مضمرًا للقول المخالف للسنة، ولكن يظهر الوقف نفاقًا ومصانعة، فمثل هذا موجود.

أما القول الذي لا يوجد في كلام الله ورسوله، لا منصوصًا ولا مستنبطًا، بل يوجد في الكتاب والسنة مما يناقضه ما لا يحصيه إلّا الله، فكيف يجب على المؤمنين -عامة أو خاصة- اعتقاده، ويجعل ذلك محنة لهم؟

ومن المعلوم أنه ليس في الكتاب والسنة ولا في كلام أحد من سلف الأمة ما يدل -نصًّا ولا استنباطًا- على أن الله ليس فوق العرش، وأنه ليس فوق (١) المخلوقات، وأنه ما فوق العالم رب يعبد، ولا على العرش إله يدعى ويقصد، وما هناك إلّا العلم المحض، وسواء سمى ثبوت هذا المعنى قولًا بالجهة والتحيز (٢) أو لم يسم، فتنوع العبارات لا يضر إذا عرف المعنى المقصود، وإذا كان هذا المعنى ليس مما جاء به


= الحكم على الشيء، لا نفيًا ولا إثباثًا، وقد أشار إليهم، فذكر أنهم الذين يجوزون إثبات صفات زائدة، لكنهم يقولون: لم يقم الدليل عندنا على نفي ذلك ولا إثباته، ثم بين -رحمه الله- أن هذه طريقة محققي من لم يثبت الصفات الخبرية، وهذا اختيار الرازي والآمدي وغيرهما.
راجع: درء تعارض العقل والنقل- ٣/ ٣٨٣.
وذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل، أن أباه سئل عن الواقفة فقال: "من كان منهم يخاصم ويعرف بالكلام، فهو جهمي، ومن لم يكن يعرف بالكلام، يجانب حتى يرجع، ومن لم يكن له علم يسأل يتعلم".
راجع: كتاب السنة -لعبد الله بن أحمد بن حنبل- ص: ٤٣.
(١) في الأصل: "في" وهو خطأ، والمثبت من: س، ط.
(٢) تقدم أن الشيخ -رحمه الله- بين أن إطلاق هذا اللفظ نفيا وإثباتًا بدعة، وأنه ليس في كلامه إثباته.

<<  <  ج: ص:  >  >>