للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك (١) لم يشعروا به بالحواس الخمس الظاهرة، وكذلك ليس في بني آدم من لا يقر بما كان في غير مدينتهم من المدائن والسير والمتاجر وغير ذلك، ممَّا هم متفقون على الإقرار به، وهم مضطرون إلى ذلك، وكذلك لا ينكرون أن الدور التي سكنوها قد بناها البناؤون، والطبيخ الذي يأكلونه طبخه الطباخون، والثياب المنسوجة التي يلبسونها نسجها النساجون، وإن كان ما يقر (٢) به من ذلك لم يحسه أحدهم بشيء من حواسه الخمس، وهذا باب واسع، فمن قال: إن أمة من الأمم تنكر هذه الأمور فقد قال الباطل.

وقول من يقول من المتكلمين: إن السوفسطائية (٣) قوم ينكرون حقائق الأمور وإنهم منتسبون إلى رئيس لهم يقال له: "سوفسطا" (٤)، وإن منهم من ينكر العلم بشيء من الحقائق، ومنهم من ينكر الحقائق الموجودة -أيضًا- مع العلوم، ومنهم اللاأدرية (٥): الذين يشكون، فلا


(١) في س، ط: "ممَّا".
(٢) في س، ط: "يقرون".
(٣) في الأصل؛ س: "السوفسطانية" والمثبت من: ط. وتقدم التعريف بهم ص: ٥٨.
(٤) سوف يبين الشَّيخ -رحمه الله- في الصفحة التالية، أن بعض المتكلمين ظن أن سوفسطا- اسم رجل انتسبت إليه السوفسطائية، والأصل غير ذلك، فهي كلمة يونانية أصلها "سوفسطيا" أي: الحكمة المموهة، فـ "سو" تعني: الحكمة و "فسطيا" أي: المموهة، فعربت وقيل: "سوفسطا".
(٥) في س: "للادرية".
واللاأدرية هم: الذين ينكرون العلم بثبوت شيء ولا ثبوته، ويزعمون أنَّه شاك وشاك في أنَّه شاك، وهلم جرًّا. .، فهم يقولون بالتوقف في وجود كل شيء وعلمه.
وهم فرقة من السوفسطائية، وقد جعلهم الشَّيخ -رحمه الله- النوع الأول من أنواع السفسطة عند تقسيمه لها، وقد تقدم ذكر هذه الأنواع عند التعريف بالسوفسطائية، فليرجع إليه ص: ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>