للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عجميًّا، وهو متكلم به ليس مخلوقًا منفصلًا عنه.

وأما أئمة أهل الحديث والفقهاء والصوفية وطوائف أهل الكلام الذين خالفوا المعتزلة قديمًا من المرجئة والشيعة ثم الكرامية وغيرهم فيخالفون في ذلك، ويجعلون هذه الأفعال القائمة بذاته متعلقة بمشيئته وقدرته.

وأصحاب الإمام أحمد قد تنازعوا في ذلك (١) كما تنازع غيرهم، وذكر أبو بكر عبد العزيز عنهم في المقنع قولين (٢).

وحكى الحارث المحاسبي (٣) القولين (٤) عن أهل السنة، ولكن المنصوص الصريح عن الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة يوافق هذا


(١) أشار إلى هذا النزاع شيخ الإسلام -رحمه الله- في درء تعارض العقل والنقل: ٢/ ١٨ , ١٩.
(٢) القولان ذكرهما الشيخ -رحمه الله- في درء تعارض العقل والنقل- ٢/ ١٨ - وبين أن أبا بكر ذكرهما في كتاب "الشافي" فقال:
"وقد ذكر أبو بكر عبد العزيز في كتاب "الشافي" عن أصحاب أحمد في معنى أن القرآن مخلوق قولين مبنيين على هذا الأصل:
أحدهما: أنه قديم لا يتعلق بمشيئته وقدرته.
وثانيهما: أنه لم يزل متكلمًا إذا شاء".
أقول: أبو بكر عبد العزيز بن جعفر غلام الخلال له كتاب "المقنع" وتقدم الكلام عليه ص: ٣٣٣، وله "الشافي "، ولعله ذكر فيهما القولين عن أصحاب الإمام أحمد -رحمه الله.
(٣) هو: الحارث بن أسد المحاسبي، أبو عبد الله، من كبار الصوفية، هجره الإمام أحمد وأمر أصحابه بهجره لأنه تكلم بشيء من الكلام. توفي ببغداد سنة ٢٤٣ هـ.
راجع: تاريخ بغداد -للبغدادي- ٨/ ٢١١ - ٢١٦. وميزان الاعتدال -للذهبي - ١/ ٤٣٠، ٤٣١. وشذارت الذهب -لابن العماد- ٢/ ١٠٣.
(٤) ذكر الحارث في كتاب "فهم القرآن" ص: ٢٤٥، عن أهل السنة في هذه المسألة قولين: ورجح قول ابن كلاب، وذكر ذلك في قوله تعالى {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} ١٠٥ / التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>