للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الحادي عشر:

أن هذا الإجماع نظير الحجج الإلزامية، وقد قرر في أول كتابه أنَّه من الأدلة الباطلة التي لا تصلح لا بالنظر ولا بالمناظرة (١)، وذلك أن المنازع له يقول (٢): إن ما قلت بقدمها لا متناع قيام الحوادث به، فإما أن يصح هذا الأصل أو لا يصح، فإن صح كان هو الحجة في المسألة، ولكن قد ذكرت أنَّه لا يصح، وإن [لم (٣) يصح بطل مستند قول من يقول بالقدم، وصح منه القدم على هذا التقدير وهو أن يقول: لا نسلم -إذا جاز أن تحله الحوادث- وجوب قدم ما يقوم به، وهذا منع ظاهر، وذلك أنَّه لا فرق بين إقامة قوله بحجة إلزامية وبين إبطال قول منازعيه بحجة إلزامية.

الوجه الثَّاني عشر:

أنَّه لم يثبت أن معنى الأمر والنهي ليس هو الإرادة والكراهة، إلَّا بما ذكره في مسألة خلق الأفعال وإرادة الكائنات (٤) وذلك إنَّما يدل على الإرادة العامة الشاملة لكل موجود، المنتفية عن كل معدوم، فإنَّه ما شاء


(١) في س، ط: لا للنظر ولا للمناظرة.
وانظر: كتاب نهاية العقول في دراية الأصول -لأبي عبد الله الرازي- مخطوط - اللوحة الأولى، حيث قرر أن ممَّا تميز به كتابه هذا عن سائر الكتب المصنفة في أصول الدين، استنباط الأدلة الحقيقية، والبراهين اليقينية، المفيدة للعلم الحقيقي، واليقين التَّام، لا الإلزامات التي منتهى المقصود من إيرادها مجرد التعجيز والإفحام.
(٢) في س، ط: يقول له.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، يقتضيها السياق.
(٤) يشير الشَّيخ -رحمه الله- إلى قوله -المتقدم- في نهاية العقول أن الله تعالى قد يأمر بما لا يريد، وينهى عما يريد، فوجب أن يكون معنى "افعل" و "لا تفعل" في حق الله شيئًا سوى الإرادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>