للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي أمر ونهى وقال، لا أن (١) ذلك شيء لم يقم به بل خلقه في غيره، ثم لو كان مقصودهم ذلك فمعلوم أن هذا ليس هو المعروف من الخطاب ولا المفهوم منه، لا عند الخاصة ولا عند العامة، بل المعروف المعلوم أن يكون الكلام قائمًا بالمتكلم، فلو أرادوا بكلامه وقوله: إنه (٢) خلق في بعض المخلوقات كلامًا لكانوا قد أضلوا الخلق -على زعم الجهمية- ولبسوا عليهم غاية التلبيس، وأرادوا باللفظ ما لم يدلوا الخلق عليه، والله تعالى قد أخبر أن الرسل قد (٣) بلغت البلاغ المبين، فمن نسبهم إلى هذا فقد كفر بالله ورسله، وهذا قول (٤) الزنادقة المنافقين الذين هم (٥) أصل الجهمية، الذين يصفون الرسل بذلك من المتفلسفة والقرامطة ونحوهم، بل كون المتكلم الآمر الناهي لا يوصف بذلك إلّا لقيام الكلام بغيره (٦) مع امتناع قيامه به، أمر لا يعرف في اللغة، لا حقيقة ولا مجازًا.

وزعمت الجهمية الملحدة في أسماء الله وآياته، المحرفة للكلم عن مواضعه، المبدلة لدين الله من المعتزلة ونحوهم، أن المتكلم في اللغة من فعل الكلام، وإن كان قائمًا بغيره كالجني المتكلم على لسان الإنسي المصروع، فإنَّه هو المتكلم بما يسمع من المصروع، لأنَّه فعل ذلك وإن كان الكلام لم يقم إلّا بالإنسي دون الجني وهذا من التمويه (٧) والتدليس.


(١) في الأصل، س: "لأنَّ". والمثبت من: ط. ولعلّه المناسب للمعنى.
(٢) في الأصل: "أن". والمثبت من: س، ط.
(٣) "قد": ساقطة من: س، ط.
(٤) ذكر شيخ الإسلام مقالة المعطلين لأسماء الله وصفاته، والمنحرفين عن منهج السلف وبين أصنافهم في مجموع الفتاوى ٥/ ٥ فما بعدها.
ونقله بتلخيص الإمام مرعي الحنبلي في كتابه "أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات. . . ص: ٢٢٥ - ٢٣٩.
(٥) "هم" مكررة في: س، ط.
(٦) في الأصل: "بغير". والمثبت من: س، ط.
(٧) في الأصل: "بالتمويه". والمثبت من: س، ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>