للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمحدث على وجه يعسر تمييزه إلا (١) بعد التلفظ والتأني (٢) في التدبر، ليصل بذلك إلى مقام الفهم والتبيين (٣) لما ذكرناه، وهو عند الوصول إليه مضى (٤) العقل بتحصيل مطلوبه.

قلت: دعوى أن هذا الصوت المسموع من العبد أو بعضه، هو صوت الله، أو هو قديم، بدعة منكرة (٥)، مخالفة لضرورة العقل، لم يقلها أحد من أئمة الدين، بل أنكرها جمهور المسلمين، من أصحاب الإمام أحمد وغيره، وإنما قال ذلك شرذمة قليلة من الطوائف وهي (٦) أقبح وأنكر من قول الذين قالوا: لفظنا بالقرآن غير مخلوق، فإن أولئك لم يقولوا: صوتنا، ولا قالوا: قديم، ومع هذا فقد اشتد نكير الإمام


(١) في الأصل: إلى. وهو خطأ. والمثبت من: س، ط.
(٢) في الأصل: الثاني. وهو خطأ. والمثبت من: س، ط.
(٣) في س، ط: التبين.
(٤) في ط: يمضي.
(٥) بين الشيخ -رحمه الله- في مجموع الفتاوى ٦/ ٥٢٦، ٥٢٧ أن القول بأن أصوات العباد بالقرآن أو ألفاظهم، قديمة أزلية من البدع المحدثة التي هي أظهر فسادًا من غيرها، والسلف -رحمهم الله- من أبعد الناس عن هذا القول، والعقل الصريح يعلم أن من جعل أصوات العباد قديمة أزلية، كان قوله معلوم الفساد بالضرورة.
ثم بين -رحمه الله- أن أصل هذا تنازعهم في مسألة اللفظ، وأن المنصوص عن الإمام أحمد وغيره أن من قال: إن اللفظ بالقرآن والتلاوة مخلوقة فهو جهمي، ومن قال: إنه غير مخلوق فهو مبتدع، لأن اللفظ والتلاوة يراد به "الملفوظ والمتلو" وذلك هو كلام الله، فمن جعل كلام الله الذي أنزله على نبيه مخلوقًا فهو جهمي.
ويراد بذلك "المصدر وصفات العباد" فمن جعل أفعال العباد وأصواتهم غير مخلوقة، فهو مبتدع ضال.
(٦) في س: من: وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>