للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ما اعتقدتموه من وجوب حدوثها كما ذكرتم هنا، هذا الدليل يلزم أقوى منه في المعاني، فلو قلتم: نعقل حروفًا (١) مجتمعة أو أصواتًا (٢) مجتمعة في محل واحد بالدليل الدال على ذلك، إذ كان ذلك الواحد ليس بذي أبعاض حتى يكون القائم بهذا البعض مغايرًا للقائم بالبعض الآخر، وإذا لم تجب المغايرة فيما قام به، لم يمتنع أن يقوم به الصوت الذي هو بالنسبة إلى غيره أصوات، إذ الاختلاف فرع للتغاير، فما لا تغاير فيه يمتنع الاختلاف فيه، فإذا كان ما يقوم به لا يغاير فأن (٣) لا يختلف أولى وأحرى. ففرض (٤) قيام صوتين مختلفين به والحال هذه يمتنع على ما أصلتموه.

الوجه السابع والخمسون:

إن اجتماع العلم بالشيء والرؤية له في محل واحد في وقت واحد ممتنع في حقنا، وكذلك العلم به وسمعه، ومع هذا فقد أثبتم الباري يعلم الموجودات ويراها، والعلم والرؤية قائمان بمحل واحد عندكم، وأيضًا فعند الأشعري، والقاضي وسائر أئمتهم أن الوجه واليدين والصفات قائمة بذات الله التي لا تنقسم، كقيام العلم والسمع والبصر والقدرة.

ومن المعلوم أن قيام القدرة واليدين في محل واحد ممتنع عندنا، بل عندنا أن اليدين محل القدرة، فإذا أثبتم يدًا ووجهًا وصفتموهما بذلك، فما المانع من ثبوت حروف وأصوات؟ ويمكنكم أن تقولوا:


(١) في الأصل: حروف. وهو خطأ والمثبت من س، ط.
(٢) في ط: أصوات. وهو خطأ.
(٣) في الأصل، س: وأن. وأثبت ما يستقيم به الكلام من: ط.
(٤) في س: وفرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>