للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَعُودًا (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨)} (١) إلى قوله: {إِنْ هَذَا إلا قَوْلُ الْبَشَرِ} (٢). وهذا قول وقع فيه طوائف من متأخري غالية المتكلمة والمتصوفة، الذين ضلوا بكلام المتفلسفة، فوقعوا فيما ينافي أصلي الإسلام: شهادة أن لا إله إلّا الله، وأن محمدًا رسول الله، بما وقعوا فيه من الإشراك، وجحود حقيقة الرسالة، فهذا قول من قاله (٣) من غالية الجهمية.

وأمَّا (٤) الجهمية المشهورون من المعتزلة ونحوهم فقالوا: إنه يخلق كلامًا في غيره، إما في الهواء، وإما بين ورق الشجرة التي كم منها موسى، وإما غير ذلك، فذلك هو كلام الله عندهم، وإذا قالوا: إن الله متكلم حقيقة، وأن له كلامًا حقيقة، فهذا معناه عندهم.

وهذا (٥) تبديل للحقيقة التي فطر الله عليها عباده، واللغة التي اتفق (٦) عليها بنو آدم، والكتب التي أنزلها الله من السماء، ولما كان من المعلوم بالفطرة الضرورية التي اتفق عليها بنو آدم إلّا من اجتالت (٧)


(١) في س: (. . . فقتل كيف قدر).
(٢) سورة المدثر، الآيات: ١١ - ٢٥.
(٣) في ط: "قال".
(٤) في الأصل: "وأمَّا قول". والمثبت من: س، ط. وهو ما يستقيم به الكلام.
(٥) في س، ط: "وهو".
(٦) في س: "ابقوا".
(٧) في س: اجتالته".
وقد روى مسلم في صحيحه عن عياض المجاشعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذات
يوم في خطبته: "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم ممَّا علمني يومي هذا. كل مال نحلته عبدًا حلالًا، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم - (اجتالتهم الشياطين: أي: استخفتهم، فجالوا معهم في الضلال. وجال واجتال: إذا ذهب وجاء، والجائل: الزائل عن مكانه. انظر لسان العرب -لابن منظور- ١١/ ١٣١ (جول) - عن دينهم وحرمت عليهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>