للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتنازعين نوع من الحق، ويكون كل منهما ينكر (١) حق صاحبه، وهذا من التفرق والاختلاف الَّذي ذمه الله تعالى، ونهى عنه فقال: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} (٢)، وقال: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} (٣)، وقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (٤)، وقال: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} (٥).

فالواجب على المسلم أن يلزم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه الراشدين، والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، وما تنازعت فيه الأمة وتفرقت فيه إن أمكنه أن يفصل النزاع بالعلم والعدل، وإلَّا استمسك بالجمل (٦) الثابتة بالنص والإجماع، وأعرض عن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا، فإن مواضع التفرق والاختلاف عامتها تصدر عن اتباع الظن وما تهوى الأنفس، ولقد جاءهم من ربهم الهدى.

وقد بسطت القول في جنس هذه المسائل ببيان ما كان عليه سلف الأمة الَّذي اتفق عليه العقل والسمع، وبيان ما يدخل في هذا الباب من الاشتراك والاشتباه والغلط في مواضع متعددة (٧)، ولكن نذكر منها جملة


(١) في الأصل: ولا يكون كل منهما يذكر. والمثبت من: س، ط والمجموع.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٧٦.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٠٥.
في س: (جاءتهم) وهو خطأ.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١٠٣.
(٥) سورة البقرة، الآية: ٢١٣.
(٦) في الأصل: الجملة. والمثبت من: س، ط والمجموع.
(٧) شيخ الإسلام -رحمه الله- بسط القول في هذا في كتابه القيم "درء تعارض العقل والنقل ١/ ٢٥٦ - ٢٥٧ " وأوضح افتراق أهل الحديث في هذه المسألة وما سببه هذا الافتراق. فليراجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>