للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي المعالي الجويني، نعوده في مرضه الذي مات فيه بنيسابور فأقعد، فقال لنا: اشهدوا على أني قد (١) رجعت عن كل مقالة قلتها أخالف فيها ما قال السلف الصالح -عليهم السلام- وأني أموت على ما يموت عليه عجائز نيسابور".

وعامة المستأخرين (٢) من أهل الكلام، سلكوا خلفه من تلامذته، وتلامذة تلامذته، وتلامذة تلامذة تلامذته، ومن بعدهم، ولقلة علمه بالكتاب والسنة [وكلام سلف الأمة يظن أن أكثر الحوادث ليس (٣) في الكتاب والسنة] (٤) والإجماع ما يدل عليها، وإنما يعلم حكمها بالقياس، كما يذكر ذلك في كتبه (٥)، ومن كان له علم بالنصوص ودلالتها على الأحكام، علم أن قول أبي محمد بن حزم وأمثاله أن النصوص تستوعب جميع الحوادث، أقرب إلى الصواب من هذا القول، وإن كان في طريقه هؤلاء من الإعراض عن بعض الأدلة الشرعية ما قد يسمى قياسًا جليًّا (٦)، وقد يجعل من دلالة اللفظ، مثل فحوى الخطاب


(١) قد: ساقطة من: س، ط.
(٢) في ط: المتأخرين.
(٣) في ط: ليست.
(٤) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٥) انظر مثلًا: كتابه الكافي الجدل ص: ٣٤٥. والبرهان في أصول الفقه ٢/ ٧٤٣.
(٦) القياس الجلي: ما كانت العلة فيه منصوصة، اْو غير منصوصة غير أن الفارق بين الأصل والفرع مقطوع بنفي تأثيره. انظر: إحكام الأحكام- للآمدي ٤/ ٣.
وابن حزم يرى أنه لا يحل القول بالقياس في الدين ولا بالرأي لأن أمر الله تعالى عند التنازع بالرد إلى كتابه وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - قد صح، فمن رد إلى قياس وإلى تعليل يدعيه، أو إلى رأي، فقد خالف أمر الله تعالى المعلق بالإيمان ورد إلى غير من أمر الله تعالى بالرد إليه، وفي هذا ما فيه.
ولا يخفى أن هذا قول بلا برهان، فالقياس في الشريعة الإسلامية ثابت عقلًا وشرعًا، وبه قال عامة الفقهاء والمتكلمين.=

<<  <  ج: ص:  >  >>