للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من اللاهوت، بل هو مخلوق، ثم يقولون: المعنى القديم لما أنزل (١) بهذه الحروف المخلوقة، فمنهم من يسمي الحروف كلام الله حقيقة، كما يسمي المعنى كلام الله حقيقة، ومنهم من يقول: بل هي كلام الله مجازًا، كما أن النصارى منهم من يجعل (٢) لاهوتًا حقيقة لاتحاده باللاهوت واختلاطه به، ومنهم من يقول: هو محل اللاهوت ودعاؤه، ثم النصارى تقول: هذا الجسد إنما عبد لكونه مظهر اللاهوت وإن لم يكن هو إياه، ولكن صار هو إياه بطريق الاتحاد، وهو محله بطريق الحلول، فعظم ذلك (٣)، وهؤلاء يقولون: هذه الحروف ليست من كلام الله ولا يجوز أن يتكلم الله بها، ولا يكلم بها، بل لا يدخل في قدرته أن يتكلم بها، ولكن خلقها فأظهر بها المعنى القديم ودل بها عليه، فاستحقت الإكرام والتحريم لذلك، حيث يدخل في حكمه، بحيث لا يفصل بينهما، أو يفصل بأن يقال: هذا مظهر هذا [و] (٤) دليله، وجعلوا ما ليس هو كلام الله، ولا تكلم الله به قط كلامًا لله، معظمًا تعظيم كلام الله كما جعلت النصارى الناسوت الذي ليس هو بإله قط، ولا هو الكلمة، إلها وكلمة، وعظموه تعظيم الإله الذي هو كلمة الإله (٥) عندهم، ومنها أن النصارى على ما حكى عنهم المتكلمون، كابن الباقلاني (٦) أو غيره (٧) ينفون الصفات، ويقولون: إن الأقانيم التي هي الوجود والحياة والعلم، هي خواص، هي صفات نفسية للجوهر،


(١) في س: أنزله.
(٢) كذا في جميع النسخ. ولعل يجعله أنسب للسياق.
(٣) في س، ط: كذلك.
(٤) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٥) في س، ط: الله.
(٦) في التمهيد- ص: ٧٩ - ٨٧.
(٧) كالجويني في "الإرشاد" ص: ٤٧، ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>