للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرواية (١). أي: هو الذي حكم لنفسه بذلك لا غيره، ومن جعله مخلوقًا لزمه أن يكون الغير هو الذي جعله كذلك ونحله ذلك.

الرابع: أن ابن عباس ذكر ذلك في بيان معنى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}، {عَزِيزًا حَكِيمًا}، {سَمِيعًا بَصِيرًا} , ليبين حكمة الإتيان بلفظ كان في مثل هذا، فأخبر في ذلك أنه هو الذي سمى نفسه ذلك ولم ينحله (٢) ذلك غيره.

ووجه مناسبة هذا الجواب، أنه إذا نحل ذلك غيره كان ذلك مخلوقًا بخلق ذلك الغير، فلا يخبر عنه بأنه كان كذلك، وأما إذا كان هو الذي سمى به نفسه ناسب أن يقال: إنه كان كذلك وما زال كذلك؛ لأنه هو لم يزل -سبحانه وتعالى- وهذا التفريق إنما يصح إذا كان غير مخلوق، ليصح أن يقال: لما كان هو المسمي لنفسه بذلك، كان لم يزل كذلك.

فذكر الإِمام أحمد أن قول القائل: القرآن مخلوق يتضمن القول بأن علم الله مخلوق وأن أسماءه مخلوقة؛ لأن ظهور عدم خلق هذين للناس أبين من ظهور عدم القول بفساد إطلاق القول بخلق هذين، ولو كان القرآن اسمًا لمجرد الحروف والأصوات لم يصح ما ذكره الإِمام أحمد من الحجة، فإن خلق الحروف وحدها لا يستلزم خلق العلم، وهكذا القائلون بخلق القرآن إنما يقولون بخلق الحروف والأصوات في بعض الأجسام لأن هذا هو عندهم القرآن، ليس العلم (٣) عندهم داخلًا (٤) في مسمى القرآن.

ولهذا لما قال له الأثرم: (فمن قال القرآن مخلوق، وقال:


(١) في ط: في رواية.
(٢) في الأصل: ينحل. والمثبت من: س، ط.
(٣) في ط: للعلم.
(٤) في ط: دخل.

<<  <  ج: ص:  >  >>