للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأرجل؛ لكان معرفة ذلك واجبًا، لا سيما وعند الجهمية من المعتزلة وغيرهم أن معرفة ذلك من أصول الإيمان الَّذي لا يتم إلا به.

وقد يقولون: إن (١) معرفة ذلك واجبة قبل (٢) معرفة الرسالة، وأن معرفة الرسالة لا تتم إلا بتنزيه الله عن كلام يقوم به، لأن الكلام لا يقوم إلَّا بجسم متحيز (٣)، ونفي ذلك عندهم واجب قبل الإقرار بالرسول، فإن (٤) الجسم يستلزم أن يكون محدثًا مخلوقًا يجوز عليه الحاجة، وذلك يمنع ما بنوا عليه العلم بصدق الرسول، وقد صرحوا بذلك في كتبهم (٥)، فإن كان الأمر كذلك كان بيان ذلك من الواجبات، فإذا لم يأمر الله به قط مع حاجة المكلفين إليه، ومع أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز؛ علم أنَّه ليس مأمورُا به ولا واجبًا (٦)، وذلك يبطل قولهم.

-وأيضًا- فلم ينه العباد عن أن يسموه كلامه، مع العلم بأن هذه التسمية ظاهرة في أنَّه هو المتكلم به، ليس هو الَّذي خلقه في جسم غيره.


(١) في س: إنه.
(٢) معرفة ذلك واجبة قبل: مكررة في: س. وهو سهو من الناسخ.
(٣) في الأصل: إلَّا عن متحيز. والمثبت من: س، ط.
(٤) في س، ط: فإذا.
(٥) انظر مثلًا: شرح الأصول الخمسة -للقاضي عبد الجبار- ص: ١١٢.
وقد أجمعت المعتزلة على نفي الجهة والتحيز عن الله - تعالى - لأنهم اعتقدوا أن إثباتها يوجب إثبات المكان والجسمية.
وقد نقل إجماعهم على نفي الجسم: أبو الحسن الأشعري في المقالات ١/ ٢٣٥.
وانظر: مختصر الصواعق المرسلة -لابن القيم اختصار الموصلي- ١/ ٢٠٠.
وفيه: أن حقيقة النبوة والرسالة إنباء الله لرسوله وأمره تبليغ كلامه إلى عباده، وعند المعطلة أن الله لا يتكلم ولا يقوم به كلام.
(٦) في س: وجاجبًا. وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>