كتاب التسعينية

إجابته عن قولهم الذي يطلب منه ألا يتعرض لأحاديث الصفات وآياتها عند العوام ولا يكتب بها إلى البلاد ولا في الفتاوى المتعلقة بها من وجوه - الوجه الثامن: أن هذا خلاف إجماع سلف الأمة وأئمتها - ج: 1 - ص: 155

الكلام من الجهمية ونحوهم، مثل ما رواه أبو القاسم اللالكائي (١) في أصول السنة عن محمد بن الحسن (٢) صاحب أبي حنيفة (٣)، قال (٤):

"اتفق الفقهاء -كلهم- من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت (٥) بها الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صفة الرب -عزَّ وجلَّ- من غير تفسير (٦) ولا وصف ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئًا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - (٧) وفارق الجماعة، فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا، ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنة، ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة، لأنه قد وصفه بصفة لا شيء".

---

(١) هو: هبة الله بن الحسن بن منصور الرازي الطبري اللالكائي، حافظ للحديث ودرس الفقه على مذهب الشافعي، له "شرح السنة" وكتاب في "السنن" وغيرها. توفي سنة ٤١٨.
راجع: تاريخ بغداد -للبغدادي- ١٤/ ٧٠ - ٧١. والمنتظم -لابن الجوزي- ٨/ ٣٤. وتذكرة الحفاظ -للذهبي- ٣/ ١٠٨٣ - ١٠٨٥.
(٢) هو: أبو عبد الله محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة، إمام في الفقه والأصول، ألف في ذلك الكتب الكثيرة كـ "الجامع الكبير"، ولد سنة ١٣١، وتوفي سنة ١٨٩.
راجع: تاريخ بغداد -للبغدادي- ٢/ ١٧٢ - ١٨٢. ووفيات الأعيان -لابن خلكان- ٤/ ١٨٤ - ١٨٥. ولسان الميزان -لابن حجر- ٥/ ١٢١، ١٢٢.
(٣) هو: النعمان بن ثابت التيمي، إمام أصحاب الرأي، وفقيه أهل العراق، وأحد الأئمة الأربعة، وإليه ينسب المذهب الحنفي، أريد على القضاء فامتنع ورعًا، فحبس إلى أن مات سنة ١٥٠ هـ -رحمه الله- وكانت ولادته سنة ثمانين.
راجع: تاريخ بغداد -للبغدادي- ١٣/ ٣٢٣ - ٤٥٤. والانتقاء -لابن عبد البر - ص: ١٢١ - ١٧١. ووفيات الأعيان -لابن خلكان- ٥/ ٤٠٥ - ٤١٤.
(٤) راجع: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -لأبي القاسم اللالكائي - ٣/ ٤٣٢ - ٤٣٣.
(٥) في شرح أصول اعتقاد أهل السنة: جاء.
(٦) في شرح أصول اعتقاد أهل السنة: تغيير.
(٧) وسلم: ساقطة من: س.