للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ريب أن كثيرًا من هؤلاء قد لا يعلم أنه منافق، بل يكون معه أصل الإيمان, لكن يلتبس عليه أمر المنافقين، حتى يصير لهم من السماعين، قال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إلا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} (١)، وكان المعلوم أن كلام أهل الإفك (٢) في عائشة (٣)، كان مبدؤه من المنافقين، وتلطخ به طائفة


(١) سورة التوبة، الآية: ٤٧.
(٢) المنافقون لم تسترح نفوسهم من الكيد للإسلام والمسلمين، حتى استهدفوا صاحب الرسالة محمدًا - عليه السلام - فرموه في عرضه في عائشة أم المؤمنين بنت الصديق، وروجوا ارتكابها فاحشة الزنى التي هي من أقبح الجرائم وأشنعها، وكان الذي تولى كبر هذه التهمة وزعامتها، وأشاع الإفك المفترى، رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول، والذي ما فتئ يكيد للإسلام وأهله حتى أهلكه الله.
وقد أنزل الله تعالى في شأن هذا المنافق وغيره من المنافقين قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، ليكون ذلك درسًا وعبرة للأمة الإِسلامية لتعرف من خلاله خطر النفاق والمنافقين وضررهم عليها، كما أنزل الله براءة أم المؤمنين مما رميت به.
والآيات الكريمة تبتدئ من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ. . .} وتنتهي بقوله تعالى: {. . . أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [سورة النور، الآيات: ١١ - ٢٦].
والقصة وتفاصيلها معروفة، رواها البخاري ومسلم في صحيحيهما مطولة، ولذا أكتفي هنا بالإحالة عليهما:
البخاري: ٦/ ٥ - تفسير سورة النور- باب قوله تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا. . .} إلى قوله: {. . . لكَاذِبُونَ}.
مسلم: ٤/ ٢١٢٩ - كتاب التوبة- باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف.
(٣) هي: أم عبد الله عائشة بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - أفقه نساء المسلمين، وأعلمهن بالدين والأدب، روي عنها (٢٢١٠) حديثًا فهي أكثر نساء النبي - عليه السلام - رواية للحديث عنه، توفيت بالمدينة سنة ٥٨ هـ، رضي الله عنها.
راجع: الطبقات الكبرى -لابن سعد ٨/ ٥٨ - ٨١. والإصابة في تمييز الصحابة =

<<  <  ج: ص:  >  >>