للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما فيهم من الجهل والظلم، ويحاجونهم بممانعات ومعارضات، فيحتاجون حينئذ إلى جحد طائفة من الحق الذي جاء به الرسول، والظلم والعدوان لإخوانهم المؤمنين بما استظهر (١) عليهم أولئك المشركون، فصار قولهم مشتملًا على إيمان وكفر، وهدى وضلال، ورشد وغي، وجمع بين النقيضين، وصاروا مخالفين للكفار والمؤمنين، كالذين يقاتلون الكفار والمؤمنين، ومثلهم في ذلك مثل من فرط في طاعة الله وطاعة رسوله من ملوك النواحي والأطراف، حتى تسلط عليهم العدو، تحقيقًا لقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} (٢) يقاتلون العدو قتالًا مشتملًا على معصية الله من الغدر والمثلة والغلول والعدوان، حتى احتاجوا في مقاتلة ذلك العدو إلى العدوان على إخوانهم المؤمنين، والاستيلاء على نفوسهم، وأموالهم، وبلادهم، وصاروا يقاتلون إخوانهم المؤمنين بنوع مما كانوا يقاتلون به المشركين، وربما رأوا قتال المسلمين أوكد (٣)، وبهذا وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - لخوارج حيث قال: "يقتلون أهل الإِسلام ويدعون أهل الأوثان" (٤).


(١) في الأصل: "استظهروا". والمثبت من: س، ط.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٥٥.
(٣) في ط: "آكد".
(٤) جزء من حديث رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ". . . إن من ضئضئ هذا قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإِسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإِسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد".
صحيح البخاري -كتاب التوحيد- باب قول الله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} وقوله جل ذكره: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} ٨/ ١٧٨ حديث رقم ١٤٣.
صحيح مسلم -كتاب الزكاة- باب ذكر الخوارج وصفاتهم- ٢/ ٧٤١. =

<<  <  ج: ص:  >  >>