للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحلوف (١) عليه واحدًا؟ كما لو حلف بالله لا يفعل، ثم حلف بالله لا يفعل، هذا فيه قولان للعلماء: هما روايتان عن أحمد (٢)، وأمَّا قول ابن عباس - رضي الله عنهما - (٣): فقال الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم: حدثني أبي ثنا ابن صالح بن جابر الأنماطي (٤)، ثنا علي بن عاصم [قال أبي:


(١) في س: "المخلوف" وهو تصحيف.
(٢) القولان ذكرهما ابن قدامة في المغني ٨/ ٧٠٥، ٧٠٦، ورجح -رحمه الله- القول بأنَّ الحالف إذا كرر اليمين على شيء واحد فحنث فليس عليه إلَّا كفارة واحدة، وهذا يعني أن الأيمان تتداخل في بعضها إذا كررت وكان المحلوف عليه شيئًا واحدًا فتصير كاليمين الواحدة.
والروايتان ذكرهما ابن قدامة في المقنع في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل ٤/ ٢١٠ فقال: "وإن كرر أيمانًا قبل التكفير فعليه كفارة واحدة، وعنه لكل يمين كفارة، والظاهر أنها إن كانت على فعل واحد فكفارة واحدة. . ".
وعلى هذا فمن حلف بالقرآن فعليه بكلِّ آية يمين، فإذا حنث وكان ما حلف عليه شيئًا واحدًا فعليه كفارة واحدة، إذا عجز عن الكفارات بعدد الآيات.
يقول ابن قدامة في المغني- ٨/ ٧٠٨ - : "ويحتمل أن كلام الإمام أحمد في كل آية كفارة على الاستحباب لمن قدر عليه فإنَّه قال: عليه بكلِّ آية كفارة فإن لم يمكنه فكفارة واحدة، ورده إلى واحدة عند العجز دليل على أن ما زاد عليها غير واجب، وكلام ابن مسعود يحمل على الاختيار والاحتياط لكلام الله والمبالغة في تعظيمه. . . ".
إلى أن يقول: ". . ولأن إيجاب كفارات بعدد الآيات، ينفي إلى المنع من البر والتقوى، والإصلاح بين النَّاس، لأنَّ من علم أنَّه بحنثه تلزمه هذه الكفارات كلها ترك المحلوف عليه كائنًا ما كان، وقد يكون برًّا وتقوى وإصلاحًا فتمنعه منه. . . ".
(٣) ذكره أبو القاسم اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: ٢٠/ ٢٣٠ بنفس السند الذي ذكره الشَّيخ -رحمه الله-.
(٤) في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: علي بن صالح، وإذا كان هو فقد قال عنه الذهبي -في ميزان الاعتدال ٣/ ١٣٣ - لا يعرف وذكر له خبرًا باطلًا اتهمه بوضعه، وإذا كان غيره فلم أجده في مظانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>