وإن أنكرت حقيقة الأفعال وقيامها به -سبحانه- اضطرب عليك هذا الباب أعظم اضطراب، وبقيت حائرًا في التوفيق بين النصوص، وبين أصول النفاة، وهيهات لك بالتوفيق بين النقيضين، والجمع بين الضدين. يوضحه: أن الأوهام الباطلة، والعقول الفاسدة، لما فهمت من نزول الرب ومجيئه وإتيانه وهبوطه ودنوه ما يفهم من مجيء المخلوق وإتيانه وهبوطه ودنوه، وهو أن يفرغ مكانًا ويشغل مكانًا، نفت حقيقة ذلك فوقعت في محذورين: محذور التشبيه، ومحذور التعطيل، ولو علمت هذه العقول الضعيفة أن نزوله -سبحانه- ومجيئه وإتيانه لا يشبه نزول المخلوق وإتيانه ومجيئه، كما أن سمعه وبصره وعلمه وحياته كذلك، بل يده الكريمة ووجهه الكريم كذلك، وإذا كان نزولًا ليس كمثله نزول، فكيف تنفي حقيقته، فإن لم تنف المعطلة حقيقة ذاته وصفاته وأفعاله بالكلية، وإلّا تناقضوا، فإنهم أيَّ معنى أثبتوه لزمهم في نفيه ما ألزموا به أهل السنة المثبتين لله ما أثبت لنفسه، ولا يجدون إلى الفرق سبيلًا. راجع: مختصر الصواعق المرسلة -لابن القيم- اختصار الموصلي ٢/ ٢٢٨، ٢٢٩. وانظر رأي السلف -رحمهم الله- في مسألة مجيء الله تعالى يوم القيامة، والرد على مخالفيهم في المصادر التالية: الرد على الجهمية -للدارمي ص: ٤٤ - ٥٣. رد الإمام الدارمي على بشر المريسي ص: ١٤٨، ١٤٩. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٦/ ٨ - ١١. الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية للشيخ زيد الفياض ص: ٩٩ - ١٠٣. (١) الله -سبحانه وتعالى- خلق آدم بيديه. قال تعالى لإبليس {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} سورة ص / ٧٥. وفي الحديث: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "احتج آدم وموسى -عليهما السلام- عند ربهما، فحج آدم موسى قال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك في جنته". . الحديث. صحيح مسلم ٤/ ٢٠٤٣ - كتاب القدر- باب =