أما أنَّه عقل، فلأنه مجرد عن المادة، منزه عن اللوازم المادية فلا تحتجب ذاته عن ذاته. وأما أنَّه عاقل لذاته، فلأنه مجرد لذاته. وأما أنَّه معقول لذاته، فلأنه غير محجوب عن ذاته بذاته أو بغيره". وقد بين شيخ الإسلام أن المتفلسفة المشائين القائلين هو عاقل ومعقول وعقل، وذلك كله شيء واحد، فيجعلون الصفة هي الموصوف، وهذه الصفة هي الأخرى، قالوا: ليس له صفة ثبوتية: لا علم ولا قدرة إذ لو كان كذلك -بزعمهم- لكان مركبًا من ذات وصفة، وهذا أكثر تناقضًا من قول النصارى، وجحد للعلوم الضرورية، وتصوره التام يكفي في العلم بفساده. انظر بتصرف: درء تعارض العقل والنقل -لابن تيمية - ٥/ ٢٤٧، ٦/ ٢٦٨. وبيان تلبيس الجهمية -لابن تيمية- ١/ ١٥٠٧. وانظر: مجموعة الرسائل والمسائل -كتاب مذهب السلف القويم في تحقيق مسألة كلام الله الكريم -لابن تيمية - ١/ ٣ / ٣٧٣. (٢) في الأصل، ط: العناية. وفي س: الغاية. ولعل الصواب ما أثبته. يؤيد ذلك ما ذكره الشيخ في مجموعة الرسائل والمسائل -كتاب مذهب السلف القويم في تحقيق مسألة كلام الله الكريم ١/ ٣ / ٣٧٣ بعد كلامه السابق على قول الفلاسفة: إنه عاقل ومعقول وعقل. . فقال: "ويقولون: إنه علة تامة في الأزل فيجب أن يقارنها معلولها في الأزل في الزمن وإن كان متقدمًا عليها بالعلة لا بالزمان. ويقولون: إن العلة التامة ومعلولها يقترنان في الزمان ويتلازمان فلا يوجد معلول إلا بعلة تامة، ولا تكون علة تامة إلا مع معلولها في الزمان، ثم يعترفون بأن حوادث العالم حدثت شيئًا بعد شيء من غير أن يتجدد من المبدع الأول ما يوجب أن يصير علة للحوادث المتعاقبة بل حقيقة قولهم: إن الحوادث حدثت بلا محدث وكذلك عدمت بعد حدوثها من غير سبب يوجب عدمها على أصلهم". =