للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: إن الحروف تسمى كلامًا مجازًا أو بطريق (١) الاشتراك [بينها وبين المعاني، لأنها وإن سميت كلامًا بطريق الاشتراك (٢)] (٣) فالكلام عندهم وعند الجماعة لا بد أن يقوم بالمتكلم، فيصح على حد قولهم (٤) أن تكون الحروف والأصوات كلامًا للعباد حقيقة، لقيامها بهم، ولا يصح أن تكون (٥) كلامًا لله حقيقة، لأنَّها لا تقوم به عندهم بحال، فلو قال أحد منهم: إن الحروف التي يخلقها الله في الهواء تسمى كلامًا له حقيقة، أو إن ما يسمع من العباد، أو يوجد في المصاحف يسمى كلام الله حقيقة لزمه (٦) أن يجعل مسمى الكلام ما لا يقوم بالمتكلم، بل يكون دلالة على ما يقوم بالمتكلم وإن كان مخلوقًا له، وهذا ما وجدته لهم، وهو ممكن أن يقال، لكن متى قالوه انتقض (٧) عليهم عامة الحجج التي أبطلوا بها مذهب المعتزلة وصار للمعتزلة عليهم حجة قوية.

وقد يحكي الآخرون عن الأولين: أنهم يستهينون بالمصاحف، فيطؤونها، وينامون عليها (٨) ويجعلونها مع نعالهم، وربما كتبوا القرآن بالعذرة، وغير ذلك ممَّا هو من أفعال المنافقين الملحدين، وهذا يوجد في أهل الجفاء والغلو منهم، لما ألقى عليهم (٩) أئمتهم أن هذا ليس هو كلام الله، صاروا يفرعون على ذلك فروعًا من عندهم، لم يأمرهم بها


(١) في س: وبطريق.
(٢) في س: الاشتراط. وهو تصحيف.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٤) في الأصل: أحد قوليهم. وفي س، ط: أحد قولهم. ولعل ما أثبت يستقيم به الكلام.
(٥) في الأصل، س: يكون. والمثبت من: ط.
(٦) في س، ط: للزمه.
(٧) في س: أن يقضي.
(٨) في الأصل: عليهم. والمثبت من: س، ط.
(٩) في س، ط: إليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>