للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه وهو قراءته عربي فسمي عربيًّا لعلة، وكذلك سمي عبرانيًّا لعلة (١)، وكذلك سمي أمرًا لعلة، وسمي نهيًا لعلة، وخبرًا لعلة، ولم يزل الله متكلمًا قبل أن يسمى كلامه أمرًا، وقبل وجود العلة التي بها (٢) سمي كلامه أمرًا، وكذلك القول في تسميته نهيًا وخبرًا، وأنكر أن يكون الباري لم يزل مخبرًا، وكذلك (٣) لم يزل ناهيًا).

فهذه حكاية الأشعري عن ابن كلاب أنه يقول: إن الله لم يزل متكلمًا، وإن كلامه صفة قائمة (٤) به كعلمه وقدرته، وكذلك سائر الصفات التي يثبتها لله تعالى هي عنده قديمة قائمة بالله غير متعلقة بمشيئته وقدرته.

وأما الجهميّة المحضة من المعتزلة وغيرهم فعندهم لا يقوم (٥) به شيء من هذه الصفات ولا غيرها، بل كل ما يضاف إليه فإنما يعود معناه إلى أمر مخلوق منفصل عنه، كما قالوه في الكلام، ولما قال أولئك لهؤلاء: إن الحروف لا تكون إلّا متعاقبة ولا بد لها من مخارج، وكلاهما يمنع قدمها، قال لهم هؤلاء: هذا بعينه وارد في المعنى، فإن المعاني مطابقة للحروف في الترتيب، وهي مفتقرة إلى محل كافتقار الحروف، فما قيل في أحدهما قيل في الآخر، ولما زعم أولئك أن الكلام كله هو معنى واحد، قال هؤلاء: إن جاز أن يعقل أن المعاني المتنوعة تعود إلى معنى (٦) واحد، جاز أن يعقل أن الحروف المتنوعة


(١) لعلة: ساقطة من: س، ط. وفي المقالات: لعلة وهي أن الرسم الذي هو عبارة عنه عبراني.
(٢) في المقالات: لها.
(٣) وكذلك: ساقطة من: المقالات.
(٤) في س، ط: له قائم.
(٥) في الأصل: لا يقدم. والمثبت من: س، ط.
(٦) في س: حروف. وفي ط: حرف. وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>