للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكان هذا كلامًا صحيحًا، فإن أحدًا لم يطلق عليه أنه يخلق في نفسه شيئًا -فيما أعلم- بخلاف اللفظ الذي ادعاه، فإن النزاع فيه [من] (١) أشهر الأمور، والذين أثبتوا ذلك أكثر من الذين نفوه من أهل الحديث وأهل الكلام جميعًا، ولكن اتفاق الأمة -فيما أعلم- على (٢) أنه لا يخلق في نفسه شيئًا يبطل مذهب المعتزلة، ولا يدل على أنه قديم لا يتعلق بمشيئته وقدرته ولعل هذه هي (٣) حجة عبد العزيز الكناني (٤).

ولهذا النزاع العظيم بين الذين يقولون (٥): هو مخلوق أو محدث، بمعنى أنه أحدثه في غيره، والذين يقولون (٦): هو قديم لا يتعلق بمشيئته وقدرته، إذا تدبره اللبيب، وجد كل طائفة أنما تقيم الحجج على إبطال


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٢) على: ساقطة من: س، ط.
(٣) هي: ساقطة من: ط.
(٤) احتج عبد العزيز الكناني على بشر بحجتين عقليتين هما:
إحداهما: "أنه لو كان كلام الله مخلوقًا، ولم يخلقه في غيره ولا خلقه قائمًا بنفسه: لزم أن يكون مخلوقًا في نفس الله، وهذا باطل.
وثانيهما: أن المخلوقات المنفصلة عن الله خلقها الله بما ليس من المخلوقات: إما القدرة -كما أقر به بشر- وإما فعله وأمره وإرادته -كما قال عبد العزيز.
وعلى التقديرين: ثبت أنه كان قبل المخلوقات من الصفات ما ليس بمخلوق، فبطل أصل قول بشر والجهمية: إنه ليس لله صفة، وإن كل ما سوى الذات المجردة فهو مخلوق، وتبين أن الذات يقوم بها معان ليست مخلوقة، وهذه حجة مثبتة الصفات القائلين بأن القرآن كلام الله غير مخلوق على من نفى الصفات وقال بخلق القرآن، فإن كل من قال بنفي الصفات لزمه القول بخلق القرآن".
راجع: درء تعارض العقل والنقل -لابن تيمية- ٢/ ٢٥٦. وانظر: إلزام عبد العزيز الكناني لبشر أمام المأمون في كتابه "الحيدة" ص: ١٢٦ - ١٣١.
(٥) وهم: الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم.
(٦) وهم: الأشاعرة والكلابية ومن وافقهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>