للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحقيق وإنَّما هو تقدير كلام، كما أن العالم بوحدانيته قد يقدر في نفسه مذهب الثنوية (١)، ثم لا يكون ذلك منافيًا لعلمه بالوحدانية، ولو كان ذلك اعتقادًا حقيقيًّا لنافاه، فإذا ثبت أن العلم يدل على الخبر الصدق، فإذا تعلق الخبر بالمخبر على وجه الصدق فتقدير خبر خلف مستحيل مع الخبر القديم، إذ لا يتجدد الكلام.

قال (٢): فإن قيل: فإذا جاز أن يكون الكلام أمرًا من وجه نهيًا من وجه، فكذلك يجوز أن يكون صدقًا من وجه كذبًا من وجه.

قلنا: الأمر في حقيقته (٣) هو النَّهي، لأنَّ الأمر بالشيء نهي عن ضده، والآمر بالشيء ناه عن ضده ولا تناقض فيه، ولا يجوز أن يكون الصدق كذبًا بوجه، وتعلق الخبر بالمخبر بمثابة تعلق العلم بالمعلوم وإذا تعلق العلم بوجود الشيء فلا يكون علمًا بعدمه في حال وجوده.

وقال أبو المعالي في إرشاده (٤) المشهور الذي هو زبور المستأخرين من أتباعه، كما أن الغرر، وتصفح الأدلة لأبي الحسين (٥) زبور


(١) الثنوية: هم القائلون بأصلين -للعالم- أزليين قديمين هما (النور والظلمة) وهما متساويان في القدم، وإن كانا مختلفين في الجوهر والطبع والفعل والمكان والأبدان والأرواح، وغير ذلك، وعنهما كان كل الموجودات، فهم بخلاف المجوس الذين قالوا بحدوث الظلمة.
وهم فرق: المانوية، الديصانية، المرقونية، المزدكية.
راجع في شأنها: الملل والنحل -للشهرستاني ١/ ٢٤٤ - ٢٥٣. اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي، ومعه المرشد الأمين إلى اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، تأليف: طه عبد الرؤوف سعد، ومصطفى الهواري - ص: ١٣٨ - ١٤٢.
(٢) القائل: أبو القاسم الأنصاري.
(٣) في ط: الحقيقة.
(٤) الإرشاد -لأبي المعالي الجويني- ص: ٣٩٦، ٣٩٧.
(٥) هو: أبو الحسين البصري المعتزلي -تقدمت ترجمته- له كتاب "غرر الأدلة" يقع في مجلد كبير، وله "تصفح الأدلة في أصول الدين" في مجلدين ولم أجد =

<<  <  ج: ص:  >  >>