للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمجرد قول المرسلين.

وقوله: الأحكام من أول الدليل على ثبوت الأمر والنهي.

يقال له: فهل الأحكام عندك شيء غير الأمر والنهي حتَّى (١) يستدل بأحدهما على الآخر؟ أم اسم الأحكام هل هو أظهر في كلام الرسل والمؤمنين بهم من اسم الأمر والنهي؟.

وأعجب من ذلك قوله: فورود التكليف على العباد دليل على كلام الله وجواز إرسال الرسل، فإن التكليف إذا كان عنده لم يثبت إلَّا بالرسل كان العلم بجواز إرسأل الرسل سابقًا للعلم (٢) بالتكليف، فكيف يستدل بما يتأخر علمه على ما يتقدم علمه، ومن حق الدليل أن يكون العلم به قبل العلم بالمدلول حيث جعل دليلًا على العلم به، ولو قدر أنَّه ممن يسوغ التكليف العقلي فذاك عند القائلين به يرجع إلى صفات تقوم بالأفعال، فلا يفتقر إلى ثبوت الكلام.

وليس المقصود بيان هذا، وإنما المقصود قولهم: ورود التكليف دال على علمه، وعلمه دال على ثبوت الصدق (٣) إذ العالم بالشيء لا يخلو عن نطق النفس بما يعلمه، وذلك هو التدبير والخبر، فقد جعلوا العلم مستلزمًا للكلام بنوعية الخبر الصدق (٤) والتدبير الَّذي هو الطلب، وهذا إلى التحقيق أقرب من غيره، فإذا كان الأمر كذلك كيف يتصور اجتماع العلم والكذب النفساني؟.

فإن قيل: لا ريب أن هذا تناقض منهم في الشيء الواحد المعين، بإثباته تارة وجعله كلامًا محققًا، ونفيه أخرى ونفي تسميته كلامًا محققًا -إذا قدر وجوده- لكن التناقض يدل على بطلان أحد القولين المتناقضين


(١) في س: حق. وهو خطأ.
(٢) في ط: على العلم.
(٣) في س، ط: المصدق.
(٤) في س، ط: والصدق. وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>