للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (١)، والألفاظ الدالة على هذه المعاني من أشهر الألفاظ، ومعانيها من أظهر المعاني في قلوب العامة والخاصة.

والمعنى الَّذي يقولون: إنه هو الكلام (٢)، إما أن يكون باطلًا لا حقيقة له وراء العلم والإرادة واللفظ الدال عليهما، أو يكون له حقيقة، فإن لم تكن له حقيقة بطل قولكم بالكلية، وإن كانت له حقيقة فلا ريب أنها حقيقة مشتبهة متنازع فيها نزاعًا عظيمًا (٣)، وأكثر طوائف أهل القبلة وغيرهم لا يعرفونها، ولا يقرون (٤) بها، وإذا أثبتموها إنما تثبتونها بأدلة خفية (٥) بل قد يعترفون أن معرفة هذه الحقيقة في الشاهد غير ممكن، ولكن يدعون ثبوتها في الغائب، وإذا كان كذلك فمن الممتنع


(١) سورة الذاريات، الآية: ٢٣.
(٢) الأشاعرة يقولون: إن الله ليس بمتكلم بالكلام الَّذي هو الحروف والأصوات، بل زعموا أنَّه متكلم بكلام النفس - أي المعنى القائم بالنفس.
يقول الرازي في كتابه "محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين" ص: ١٧٤: ". . وأما المعنى الَّذي يقول أصحابنا فهو غير مجمع عليه، بل لم يقل به أحد إلا أصحابنا".
ورأي الأشاعرة في مسألة الكلام مفصل في الدراسة لمسائل الكتاب.
والشيخ -رحمه الله- سوف يناقشهم في هذا المعنى الَّذي أثبتوه، ويبين أنَّه قول لم يعرف قبل ابن كلاب، وبعد الأشعري، وهم أثبتوا كلام الله بالأمر والنهي والخبر بالإجماع والنقل عن الأنبياء، وما ثبت بالإجماع والنقل هو الكلام الَّذي تسميه العامة والخاصة كلامًا دون هذا المعنى، وأنه تكلم بالقرآن كله حروفه ومعانيه، وهذا يدل على فساد قولهم وبطلانه.
(٣) وممن نازع في ذلك المعتزلة، فهم يقولون: إن معنى كونه متكلمًا، بيان له كلامًا بيانه فاعل للكلام، وذلك صفة فعليه لا صفة نفسية فانكروا الكلام النفسي ولهم أدلة على ذلك ناقشهم فيها الأشاعرة، وذكرها كل من: الآمدي -في غاية المرام في علم الكلام- ص: ٩٤ - ١٠١. والرازي -في المحصل- ص: ١٧٣. والجويني -في الإرشاد- ص: ١٠٤.
(٤) في س: يقرن.
(٥) في الأصل: خفيفة. ولعل ما أثبت من: س، ط يناسب السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>