للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأفعال والأصول والفروع وبالعربية وبالعبرانية وغير ذلك، وكذلك قولهم في النهي وكذلك قولهم في الخبر هو معنى واحد، هو معنى ما أخبر الله به من صفاته كآية الكرسي وسورة الإخلاص، وما أخبر به من قصص الأنبياء والمؤمنين والكفار، وصفة الجنة والنار.

ومن المعلوم أن مجرد تصور هذا القول يوجب العلم الضروري بفساده كما اتفق على ذلك سائر العقلاء، فإن أظهر المعارف للمخلوق أن الأمر ليس هو الخبر، وأن الأمر بالسبت ليس هو الأمر بالحج، وأن الخبر عن الله ليس هو الخبر عن الشيطان الرجيم، فمن جعل هذه الأمور كلها حقيقة واحدة، وجعل الأمر والنهي إنما هي صفات عارضة لتلك الحقيقة العينية، لم يجعل ذلك أقسامًا للكلام الكلي الذي لا يوجد في الخارج كليًّا، إذ ليس في الخارج كلام هو أمر بالحج هو بعينه خبر عن جهنم، كما ليس في الخارج إنسان هو بعينه فصيل (١)، وإن شملها اسم الحيوان، كما شمل ذينك اسم الكلام، فمن جعل الحقائق المتنوعة شيئًا واحدًا فهو يشبه من جعل المكانين (٢) مكانًا واحدًا حتى يجعل الجسم الواحد (٣) يكون في مكانين ويقول: إنما هما مكان واحد، أو لا يجعل الواحد نصف الاثنين، أو يقول: الاثنان هما واحد، فإن هذا كله من هذا النمط، وهو رفع التعدد في الأشياء المتعددة وجعلها شيئًا واحدًا في


= حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} ١٦٣ / الأعراف.
(١) في الأصل، س: فصل. وأثبت ما رأيته مناسبًا من: ط.
الفصيل: هو ولد الناقة إذا فصل عنها. وقد يقال في البقر.
انظر: لسان العرب -لابن منظور- ١١/ ٥٢٢ (فصل).
(٢) ورد في س، بعد كلمة "المكانين" زيادة "ويقول إنما هما". وهو خطأ من الناسخ.
(٣) في س: ورد "مكان واحد أو لا يجعل الواحد" ولا يستقيم الكلام بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>