للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام معنى واحدًا، وهذا المعنى الواحد هو حقائق مختلفة هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، لم تقل: إن الأمر والنهي والخبر والاستخبار صفات قائمة بالكلام كالصفات القائمة بالمتكلم، ولا يمكنك أن تقول ذلك؛ لأن الصفة لا تقوم بالصفة بل هما جميعًا يقومان بالموصوف، فلو قلت ذلك لكان الأمر والنهي والخبر صفات مختلفة قائمة بالله وذلك الذي فررت (١) منه، ولكن هذا يناسب قول من قال: الكلام صفات، والرب الواحد لم تقل (٢): إنه في نفسه شيئان، بل قلت: إنه ليس بذي أبعاض ولا أجزاء، فكان نظير هذا أن تقول الكلام ليس بذي أبعاض ولا أجزاء وليس هو مع ذلك حقائق مختلفة، فليس هو في نفسه أمرًا ولا خبرًا ولا استخبارًا كما تقول مثل ذلك في (٣) الموصوف، ولعل هذا هو الذي لحظه ابن كلاب إذ كان أقدم وأحذق من الأشعري، حيث لم يصف الكلام في الأزل بأنه أمر ونهي وخبر واستخبار، وجعل ذلك أمورًا نسبية تعرض (٤) له، وهذا أقرب إلى المعقول وطرد أصولهم في قول الأشعري وأن هذا باطل، فأما أن يكون الموصوف عندك واحدًا بمعنى أنه ليس بذي أبعاض، وليس هو عندك حقائق مختلفة بل موصوفًا بصفات، ثم تقول (٥): الكلام هو معنى واحد ليس بذي أبعاض وهو حقائق مختلفة أمر


(١) في ط: قررت.
(٢) في الأصل، س: يقل. وأثبت ما يناسب السياق من: ط.
(٣) في: ساقطة من: س، ط.
(٤) تقدم الكلام على مذهب ابن كلاب، وأنه يقول: "إن كلام الباري في الأزل لا يتصف بكونه أمرًا ونهيًا وخبرًا واستخبارًا إلا عند وجود المخاطبين واستجماعهم شرائط التكليف، فإذا أبدع الله العباد وأفهمهم كلامه على قضيته أمر، وموجب زجر، أو مقتضى خبر اتصف عند ذلك بهذه الأحكام.
انظر: نهاية الإقدام -للشهرستاني- ص: ٣٠٣، ٣٠٤.
(٥) في جميع النسخ: يقول. والمعنى يستقيم بما أثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>