للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يجعلوا (١) الضدين شيئًا واحدًا، كيف يمنعون اجتماع حرفين أو صوتين (٢) وذلك أقرب إلى المعقول، وهذا الكلام لازم لجماعتهم، فإنهم حكوا عن القائلين بقدم الحروف والأصوات، هل هي متعاقبة أو يتكلم بها دفعة واحدة؟ قولين:

كما قال أبو المعالي فيما ذكره أبو عبد الله القرطبي (٣) أن كلام الله منزه عن الأصوات (٤).


(١) في ط: يجعلون.
(٢) في س: صوت.
والأشاعرة يمنعون اجتماع حرفين أو كلمتين، ويعتبرون اجتماعهما مكابرة للعقل. يقول الشهرستاني في "الإقدام" ص: ٣١٠، ٣١١: ". . فإن العاقل لا يشك أن الذي يسمعه من القاري حروف وكلمات تخرج عن مخارجها على اختياره وليس يقارنه أمثالها حتى يكون كل حرفين، وكل كلمة كلمتين وكل آية آيتين، وإن كان فما محلها. وقد اشتغلت المخارج بحروفها؟ ومن المحال اجتماع حرفين وكلمتين في محل واحد في حالة واحدة.
والحروف لا وجود لها إلا على التعاقب، واجتماع حرفين وكلمتين في محل واحد غير معقول ولا مسموع، ولا محسوس من جهة القاري فهو محال".
(٣) هو: أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي، من كبار المفسرين، له في ذلك "الجامع لأحكام القرآن" توفي سنة ٦٧١ هـ.
انظر: الوافي بالوفيات -للصفدي- ٢/ ١٢٢، ١٢٣. وطبقات المفسرين -للداودي- ٢/ ٦٠٩، ٦٧٠. والأعلام -للزركلي- ٦/ ٢١٧، ٢١٨.
وانظر نقله عن أبي المعالي الجويني، وأنه يقول: إن كلام الله منزه من الأصوات والحروف، في "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى" - مخطوط اللوحة: ٢٤٤.
(٤) أبو المعالي الجويني يرى أن كلام الله تعالى معنى قائم بالنفس ليس بحرف ولا صوت. وقد صرح بهذا في كتابه "الإرشاد" فقال في ص: ١٢٧: ". . فإن الكلام عند أهل الحق معنى قائم بالنفس ليس بحرف ولا صوت، والكلام الأزلي يتعلق بجميع متعلقات الكلام على اتحاده، وهو أمر بالمأمورات، ونهي عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>