للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على امتناع قيام الحوادث بالرب، فيه -أيضًا- أنه لا حجة على امتناع ذلك إلا هذه الحجة، وهو أنه لو قبل (١) الجوهر العرض لم يخل منه، ثم هذه الدعوى لم تذكر أنت -أيضًا- عليها حجة أصلًا، فقد أقررت بأن قول أصحابك، وقول المعتزلة بأنه تعالى منزه عن قبول الحوادث قول بلا حجة أصلًا فأين الدليل الذي ذكرتموه في ذلك، فضلًا عن أن يكون قاطعًا؟

وهذا إذا تدبره العاقل تبين له أن القوم يقولون على الله ما لا يعلمون، ويقولون على الله غير الحق، كما يقوله المشركون وأهل الكتاب.

فإن قلت: فقد (٢) قررنا ذلك في الأكوان، كالاجتماع والافتراق.

فيقال: هذا حق، فإن ما كان قابلًا (٣) أن يكون مجتمعًا وأن يكون مفترقًا، لم يكن إلا مجتمعًا أو مفترقًا، لكن هذا لا عموم فيه في جميع الصفات والأعراض، وغايته أن يثبت نظيره في الرب، فيقول: إذا كانت ذاته قابلة (٤) للاجتماع أو الافتراق، لم يكن إلّا مجتمعًا أو مفترقًا، فالمنازع لك إن لم يسلم قبوله لهذين، لم يلزم أن لا يسلم قبوله لغيرهما من الصفات والأفعال، كما تقوله أنت، وإن سلم ذلك وقال: إنه أحد صمد والصمد أصله: المجتمع الذي لا جوف له، فإنه يقول (٥): اجتماعه كعلمه وقدرته، هو من الصفات اللازمة له التي لا يجوز عدمها، وليس من الحوادث، فصفات الجوهر المخلوق تقبل الزوال إذ


(١) في س: قيل.
(٢) في س: قد.
(٣) في الأصل: قائلًا. وأثبت المناسب للسياق من: س، ط.
(٤) في الأصل: قائله. وأثبت المناسب للكلام من: س، ط.
(٥) في الأصل: يقوله. وأثبت المناسب للسياق من: س، ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>