للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقصد (١) الواضعين المتكلمين، ثم يحتجون على أنه واحد يجوز أن يجعل الواضع اللفظ الواحد موضوعًا لمعان (٢) متعددة، وأين هذا من هذا؟! فإن دلالة [اللفظ على] (٣) المعنى يتبع قصد المتكلم والإرادة، فإنه بالقصد والإرادة كان هذا اللفظ يدل على هذا المعنى، وهذا اللفظ (٤) يدل على هذا المعنى، لا أن (٥) اللفظ صار كذلك بناته أو بطبعه، لكن تنازع الناس هل بين اللفظ والمعنى مناسبة لأجلها خصص الواضعون هذا اللفظ بهذا المعنى؟ على قولين: أصحهما أنه لا بد من المناسبة وليست موجبة بالطبع حتى يقال (٦)، فذلك يختلف باختلاف الأمم، بل هي مناسبة داعية، والمناسبة تتنوع بتنوع الأمم كتنوع الأفعال الإرادية، ولو قيل: إنه بالطبع، فطباع الأمم تختلف سواء في ذلك طبعهم الاختياري وغير الاختياري.

فتبين أن هذا المثل الذي ضربوه في غاية البعد عما قصدوه، إذ ما ذكروه هو اللفظ الدال على معان (٧)، وهذا لا نزاع فيه، ومقصودهم أن المعاني التي هي نفسها لكل معنى حقيقة هل هي في نفسها شيء واحد؟ وذلك لا يكون بقصد (٨) واضع ولا إرادة (٩) ولا وضعه، والإمكان هنا ليس هو إمكان أن يجعل هذا هذا، بل المسؤول عنه الإمكان الذهني،


(١) في الأصل: يقصد. والمثبت من: س، ط.
(٢) في الأصل: لمعاني. والمثبت من: س، ط.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٤) في الأصل: المعنى. ولا يستقيم الكلام بها. والمثبت من: س، ط.
(٥) في س، ط: لأن.
(٦) لعل مقول القول المقدر يعود إلى ما تقدم من أن بين اللفظ والمعنى مناسبة. .
(٧) في الأصل، س: معاني. والمثبت من: ط.
(٨) في الأصل: إلا بقصد. ولعل الكلام يستقيم بدون: إلا. كما في: س، ط.
(٩) في س، ط: وإرادته.

<<  <  ج: ص:  >  >>