للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الكلمة، كان المسيح هو ابن الله عندهم، ولا ريب أن هذين القولين وإن كان كل منهما متضمنًا لكفرهم، كما ذكره الله، فإنهما متناقضان، إذ كونه هو، ينافي كونه ابنه، لكن النصارى يقولون هذا كلهم، ويقولون هذا كلهم، كما ذكر الله ذلك عنهم، ولهذا كان قولهم معلوم التناقض في بديهة العقول عند كل من تصوره، فإن هذه الأقانيم إذا كانت صفات أو خواصًا، وقدر (١) أن الموصوف له بكل صفة اسم، كما مثلوه بقولهم: زيد الطبيب (٢)، وزيد الحاسب، وزيد الكاتب، لكن لا (٣) يمكن أن بعض هذه الصفات يتحد بشيء دون الجوهر، ولا أن بعض هذه الصفات يفارق بعضًا، فلا يتصور مفارقة بعضها بعضًا، ولا مفارقة شيء منها للموصوف، حتى يقال: المتحد بالمسيح بعض هذه الصفات، وهم لا يقولون ذلك -أيضًا- بل هم متفقون على أنه المتحد به جوهر قائم بنفسه، فإن لم يكن جوهر إلا جوهر الأب، كان جوهر الأب هو المتحد، وإن كان جوهر الابن غيره، فهما جوهران منفصلان، وهم لا يقولون بذلك، والموصوف -أيضًا- لا يفارق صفاته، كما لا تفارقه، فلا يمكن أن يقال: اتحد الجوهر بالمسيح بأقنوم العلم دون الحياة، إذ العلم والحياة لا زمان للذات، لا يتصور أن تفارقهما الذات ولا يفارقهما واحد منهما.

ومن هنا قيل: النصارى غلطوا في أول مسألة من الحساب الذي يعلمه كل أحد، وهو قولهم: الواحد ثلاثة، وأما قول بعضهم: أحديّ


(١) في س: وقد. وهو تصحيف.
(٢) في الأصل: الطيب. والمثبت من: س، ط.
وقد ذكر الشيخ -رحمه الله- أن هذا القول قال به يحيى بن عدي وغيره، من النصارى اعتذارًا لهم.
انظر: الجواب الصحيح -لابن تيمية- ٢/ ١١٨.
(٣) لا: ساقطة من: س.

<<  <  ج: ص:  >  >>