للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمحل، كان كلامًا لذلك المحل، لا (١) لمن أحدثه وأما المعاني فإنهم يزعمون أن ليس كلام الله إلّا معنى واحدًا (٢)، هو الأمر بكل شيء، والنهي عن كل شيء، والخبر عن كل شيء، وهذا معلوم الفساد بالضرورة بعد تصوره، وهو مستلزم بأن يكون (٣) معاني القرآن ليست كلام الله -أيضًا- إذا (٤) كان هذا الذي ادعوه لا يجوز أن يكون له حقيقة، فضلًا عن أن يكون صفة لموصوف، أو يكون كلامًا.

فتبين أن الله لم يتكلم عندهم بالقرآن لا بحروفه ولا بمعانيه، وهذا أمر قاطع لا مندوحة لهم عنه. وينضم إليه -أيضًا- أن القرآن المنزل حروفه ومعانيه هم يصرحون -أيضًا- بأنها ليست كلام الله، فظهر أنهم يقولون: إن القرآن ليس كلام الله.

وأما الجهمية المحضة كالمعتزلة، فهم وإن كانوا يقولون: إن القرآن مخلوق، فأكثرهم يطلقون القول: بأن القرآن كلام الله، لكن حقيقة قولهم يعود إلى أنه ليس بكلام الله، كما يعترف بذلك حذاقهم عند التحقيق، من أن الله لم يتكلم ولا يتكلم، أو يقولون: الإخبار عنه بأنه متكلم مجازًا لا حقيقة (٥)، فهؤلاء المعطلة لتكلم الله في الحقيقة أعظم من أولئك (٦)، لكن تظاهر هؤلاء بأن القرآن كلام الله أعظم من تظاهر أولئك.

وبذلك يتبين أن نفي الكلام عن الله على قول هؤلاء المعتزلة أوكد


(١) في الأصل: إلا. والمثبت من: س، ط. ولعله المناسب للكلام.
(٢) في ط: واحد.
(٣) في ط: لأن تكون.
(٤) في س، ط: إذا.
(٥) انظر: شرح الأصول الخمسة -للقاضي عبد الجبار- ص: ٥٢٨ - ٥٦٣. ومقالات الإسلاميين -للأشعري- ٢/ ٢٥٦، ٢٥٧.
(٦) الكلابية والأشاعرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>