للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الشيخ -رحمه الله-:

"وهؤلاء (١) عندهم أن الملائكة تعبر عن المعنى القائم بذات الله وأن الله نفسه لا يعبر بنفسه عن نفسه، وذلك يشبه من بعض الوجوه الأخرس الذي يقوم بنفسه معان، فيعبر غيره عنه بعبارته، وهم في ذلك مشاركون للجهمية الذين جعلوا غير الله يعبر عنه من غير أن يكون الله يتكلم، لكن هؤلاء يقولون: قام بنفسه معنى، فتجعله كالأخرس، والجهمية تجعله بمنزلة الصنم الذي لا يقوم به معنى ولا لفظ" (٢).

وإلى هذا أشار ابن القيم بقوله:

وإذا انتفت صفة الكلام فضدها ... خرس وذلك غاية النقصان

فلئن زعمتم أن ذلك في الذي ... هو قابل من أمة الحيوان

الرب ليس بقابل صفة الكـ ... ـلام فنفيها ما فيه من نقصان

فيقال سلب كلامه وقبوله ... صفة الكلام أتم للنقصان

إذ أخرس الإنسان أكمل حالة ... من ذا الجماد بأوضح البرهان

فجحدت أوصاف الكمال مخافة التشـ ... ـبيه والتجسيم بالإنسان

ووقعت في تشبيهه بالناقصات ... الجامدات وذا من الخذلان (٣)

٤ - يلزم هؤلاء النفاة الذين نفوا صفة الكلام عن الله، وقالوا: إن كلامه هو ما يخلقه في غيره منفصلًا عنه، وإن إضافته إلى الله إضافة تشريف وتعظيم، كما يقال: بيت الله، وناقة الله، أن يكون جميع كلام الخلق حقه وباطله، جده وهزله عين كلام الله -سبحانه- وهذا ما صرح به الاتحادية.

يقول الشيخ -رحمه الله-:

"ومن قال: إن المتكلم من فعل الكلام لزمه أن يكون كل كلام خلقه الله في محل كلامًا له، فيكون إنطاقه للجلود كلامًا له، بل يكون إنطاقه لكل ناطق كلامًا له، وإلى هذا ذهب الاتحادية من الجهمية الحلولية الذين يقولون: إن


(١) وهم الكلابية، والأشعرية ومن وافقهما.
(٢) راجع: قسم التحقيق- ص: ٤٣٤.
(٣) القصيدة النونية -لابن القيم- ص: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>