للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجتهم على المعتزلة في قولهم: إن الكلام إذا قام بمحل عاد حكمه عليه، وجاز حينئذ أن يقال: إن الكلام مخلوق خلقه في غيره وهو كلامه حقيقة، ولزمهم من الشناعة ما لزم المعتزلة، حيث ألزمهم السلف والأئمة أن تكون الشجرة هي القائلة لموسى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا} (١) مع أن أدلتهم في مسألة امتناع حلول الحوادث، لما تبين للرازي ونحوه ضعفها لم يمكنه أن يعتمد في مسألة الكلام على هذا الأصل، بل احتج بحجة سمعية هي من أضعف الحجج حيث أثبت الكلام النفساني بالطريقة المشهورة، ثم قال (٢): "وإذا ثبت ذلك ثبت أنه واحد وأنه قديم، لأن كل من قال ذلك قال هذا ولم يفرق أحد" هكذا قرره في نهاية العقول.

ومعلوم أن [هذا] (٣) الدليل لا يصلح لإثبات مسألة فرعية عند محققي الفقهاء، وقد بينا تناقضهم في هذه المسألة بقريب من مائة وجه عقلي في هذا الكتاب (٤)، وكان بعض الفضلاء قد قال للفقيه أبي محمد بن عبد السلام (٥) في مسألة القرآن: كيف يعقل شيء واحد هو أمر


(١) سورة طه، الآية: ١٤.
(٢) نهاية العقول في دراية الأصول -لأبي عبد الله الرازي - مخطوط - اللوحة رقم.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من: س.
(٤) هو: الكتاب الذي بين أيدينا.
(٥) هو: أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن حسين بن محمد السلمي الدمشقي الشافعي، أحد الأئمة الأعلام، برع في المذهب وجمع علومًا كثيرة، من القائلين بقول الأشعري. توفي سنة ٦٦٠ هـ. وقد ذكر السبكي في طبقاته ٨/ ٢١٩ - ٢٢٩ عقيدته في مسألة الكلام.
وراجع: فوات الوفيات -لابن شاكر - ٢/ ٣٥٠ - ٣٥٢. والبداية والنهاية -لابن كثير- ١٣/ ٢٢٣، ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>