للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الله وهذا قد بسطناه في غير هذا الموضع (١).

والمقصود أنكم لم يمكنكم أن تقولوا ما قاله (٢) المسلمون، لأن حروف القرآن ونظمه ليس هو عندكم كلام الله، بل ذلك عندكم مخلوق، إما في الهواء، وإما في نفس جبرئيل، وإما في غير ذلك، فاتفقتم أنتم والمعتزلة على أن حروف القرآن ونظمه مخلوق، لكن هم قالوا (٣) [ذلك] (٤) كلام الله [وقلتم أنتم: ليس كلام الله] (٥) ومن قال منكم: إنه كلام الله انقطعت حجته على المعتزلة، فصارت المعتزلة خيرًا منكم في هذا الموضع، وهذه الحروف والنظم الذي يقرؤه الناس هو حكاية تلك الحروف والنظم المخلوق عندكم، كما يقوله المعتزلة، وهي عبارة عن المعنى القائم بالذات، ولهذا كان ابن كلاب يقول: إن هذا القرآن حكاية عن المعنى القديم فخالفه الأشعري، لأن الحكاية تشبه المحكي وهذا حروف وذلك معنى، وقال الأشعري: بل هذا عبارة عن ذلك لأن العبارة لا تشبه المعبر عنه، وكلا القولين خطأ.

فإن القرآن الذي نقرؤه فيه حروف مؤلفة وفيه معان، فنحن نتكلم بالحروف بألسنتنا ونعقل المعاني بقلوبنا، ونسبة المعاني القائمة بقلوبنا إلى المعنى القائم بذات الله كنسبة الحروف التي ننطق بها إلى الحروف المخلوقة عندكم.


(١) هذا هو رأي الشيخ -رحمه الله- في هذه المسألة.
انظر: مجموع الفتاوى ٢١/ ٢٦٨، ٢٦٩، ٤٥٩ - ٤٦٣. و ٢٦/ ١٩٠، ١٩١.
وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في جواز قراءة آية أو بعض آية للجنب.
وللوقوف على ذلك، تراجع المصادر التالية: الإنصاف -للمرداوي- ١/ ٢٤٣.
كشاف القناع -للبهوتي- ١/ ١٦٨، ١٦٩.
(٢) في س، ط: يقوله.
(٣) في س، ط: لكن قالوا هم.
(٤) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط. يقتضيها الكلام.
(٥) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، يقتضيها الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>