للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - (١) أن صاحب الخلق الحسن يبلغ بخلقه درجة الصائم القائم. [قوله صلى الله تعالى عليه وسلم:] "اعبد الله كأنك تراه" هذا من جوامع الكلم التي أوتيها - صلى الله عليه وسلم - لأنا لو قدرنا أن أحدنا قام في عبادة وهو يعاين ربه سبحانه وتعالى لم يترك شيئا مما يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحسن السمت واجتماعه بظاهره وباطنه على الاعتناء بتتميمها على أحسن وجوهها إلا أتى به فقال - صلى الله عليه وسلم - اعبد الله في جميع أحوالك كعبادتك في حال العيان فإن التتميم المذكور في حال العيان إنما كان لعلم العبد باطلاع الله سبحانه وتعالى عليه فلا يقدم العبد على تقصير في هذا الحال للاطلاع عليه وهذا المعنى موجود مع عدم رؤية العبد فينبغي أن يعمل بمقتضاه فمقصود الكلام الحث على الإخلاص في العبادة ومراقبة العبد ربه تبارك وتعالى في إتمام الخشوع والخضوع وغير ذلك.

قوله: "واعدد نفسك في الموتى" أي اقطع أطماعك في الدنيا وأهلها واخمل ذكرك واخف شأنك كما أن الموتى قد انقطعت أطماعهم من الدنيا وأهلها واشهد مشاهد القيامة وعد نفسك ضيفا في بيتك وروحك عارية في بدنك خاشع القلب متواضع النفس بريء من الكبر تنظر إلى الليل والنهار


(١) أخرجه أحمد (٦/ ٦٤ و ٩٠ و ١٣٣ و ١٨٧) وأبو داود (٤٧٩٨) وابن حبان (٤٨٠) والحاكم (١/ ٦٠) والبيهقي في الشعب (٧٦٣١ و ٧٦٣٢ و ٧٦٣٣) وفي الآداب (٢٠٥) والخطيب في الموضح (٢/ ٢٨٥) والبغوي في شرح السنة (٣٥٠٠ و ٣٥٠١) وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب (١٢٠١)، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢٦٤٣)، والصحيحة (٥٢٢، ٧٩٥).