أما القسم الثالث فهو أثر التوحيد في الآخرة: وأظنه معلوماً لدى الجميع؛ لهذا فإنني لا أطيل فيه، وإنما أقول: إن غاية الغايات حينما يحقق الإنسان التوحيد في هذه الدنيا أن يعلم الإنسان أنه حينما يقف بين يدي الله تعالى لن ينجو إلا بهذه الكلمة (لا إله إلا الله)، فبهذه الكلمة له الأمان في الآخرة حين يخاف الناس، وله الفوز بالجنة حينما تسعر نار جهنم وتقاد بسبعين ألف زمام.
فيوم القيامة يوم لا شك فيه، والجميع سيقف بين يدي الله سبحانه وتعالى، ولما كان الأمر كذلك والدنيا فانية والأيام قصيرة والأجل غير معروف والموت لا يفرق بين الصغير والكبير؛ جاء النداء:{يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ}[الانشقاق:٦]، هي حقيقة كبرى، لهذا فالمؤمن يحقق التوحيد لأجل أن ينال الأمان والفوز يوم القيامة، يحقق التوحيد لأجل أن يكون يوم القيامة ممن يقال لهم على رءوس الأشهاد:{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}[الحاقة:٢٤]، إنه الأمان الأكبر يوم الفزع الأكبر، إنه الفوز الأعظم يوم الخسارة الكبرى {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}[الزمر:١٥]، ذلك هو الخسران الكبير أيها الأخ في الله.
إذاً تحقيق التوحيد وتحقيق الإيمان وتحقيق العقيدة يحول الحياة في هذه الدنيا إلى طمأنينة، وكذلك يوم يقوم الناس لرب العالمين.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم يوم القيامة من الآمنين، وأن يجعلني وإياكم ممن ختم له بكلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.