المسألة السادسة: التوكل على الله سبحانه وتعالى له آثار عظيمة في حياة الفرد والمجتمع، وفي حياة الأمم، وسنشير إلى بعض هذه الآثار، ومنها: أولاً: أن التوكل على الله سبحانه وتعالى يعطي الإنسان القوة والعزة بالله وحده لا شريك له، ومن ثم فإن بعض السلف رحمهم الله تعالى قالوا: من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله.
لأن الإنسان إذا توكل على الله وحده لا يخاف أحداً مهما كان، لو اجتمعت الدنيا كلها بعروشها وجيوشها على أن يكيدوك -أيها الإنسان- لا يملكون، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ ابن عباس وهو غلام صغير:(واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).
إذاً التوكل على الله سبحانه وتعالى يجعل الإنسان قوياً في إيمانه، قوياً في حياته، قوياً في صبره على البلاء، قوياً في مواجهته للمحن والابتلاء، قوياً حينما تدلهم الفتن وتضطرب الأمور ويحيص الناس.
ويحار الحليم، يقف قوياً لأنه يتوكل على الله وحده لا شريك له، ويعتصم به، ويعتمد عليه وحده لا شريك له.
وقد ورد في الصحيحين -صحيح البخاري ومسلم - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صفته في التوراة: إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً، وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق) إلى آخر الحديث.
(سميتك المتوكل) فرسول الله صلى الله عليه وسلم من أسمائه (المتوكل)، كما أن له أسماء أخرى معروفة (محمد)، و (أحمد)، و (الحاشر) إلى آخره.
وقد روي في بعض الآثار أن حملة العرش إنما يقوون على حمله لقولهم:(لا حول ولا قوة إلا بالله)، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن هذه الكلمة:(لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة).