الأمر الثالث المتعلق بمنهج دراسة القضاء والقدر: أن الدارس المتفهم لهذه القضية يجب عليه أن يربطها ربطاً تاماً بربه تبارك وتعالى، يربطها بعدل الله، وحكمة الله، ورحمة الله، وصفات الله تبارك وتعالى، فقضية القضاء والقدر مرتبطة بصفات الله تبارك وتعالى الكاملة، فهو سبحانه وتعالى له الكمال المطلق في ذاته وفي أسمائه وفي صفاته، فلا ينبغي لإنسان يدرس هذه القضية وكأنه يجعل ربه تبارك وتعالى في قفص الاتهام كواحد من البشر، سبحان الله عما يصفون، بل يجب عليه أن ينظر إلى المسألة من منظار أنه عبد وأن الله رب، وأن يعرف جيداً أن هذه القضايا متعلقة بأسماء الله تعالى وصفاته وكماله، والله تبارك وتعالى هو الذي أحاط بكل شيء علماً، وهو على كل شيء قدير، وهو بكل شيء عليم سبحانه وتعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الزمر:٦٧].
وهو سبحانه الذي أراد أن ينشئ هذا الكون، وأن يوجد هذا الإنسان، وهو الذي اقتضت إرادته أن تنتهي هذه الدنيا، وأن تنكدر النجوم، وتتشقق السماء، وتكور الشمس، وأن يتغير العالم، هو الذي أراد ذلك، وهذا أمر كائن لا محالة، فلننظر إلى هذه المسألة من منظار العقيدة الصافية المفهومة فهماً صحيحاً، وخاصة ما يتعلق منها بأسماء الله تبارك وتعالى وصفاته.