أولها: من هو سعد الذي حكم في هؤلاء اليهود فأصدر حكمه السابق الذي وافق حكم الله تعالى من فوق سبع سماوات؟ إنه سيد الأوس الذي أسلم على يد مصعب بن عمير في المدينة قبل الهجرة، فلما أسلم رضي الله عنه وقف على قومه فقال:(يا بني عبد الأشهل! كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا فضلاً وأيمننا نقيبة، قال: فإن كلامكم علي حرام رجالكم ونساؤكم حتى تؤمنوا بالله ورسوله) قال الراوي: فوالله! ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا، فكان رضي الله عنه من أعظم الناس بركة على قومه.
وسعد بن معاذ هو الذي اهتز عرش الرحمن لموته، فقد روى البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اهتز العرش لموت سعد بن معاذ)، وفي رواية لـ مسلم وذكرها البخاري بمعناها:(اهتز لها عرش الرحمن عز وجل) أي: لجنازة سعد بن معاذ.
قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء: وقد تواتر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن العرش اهتز لموت سعد فرحاً به)، وفي رواية عند أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن جابر قال:(جاء جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: من هذا العبد الصالح الذي مات؟! فتحت له أبواب السماء، وتحرك له العرش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سعد قد مات، قال: فجلس على قبره) إلى آخر الحديث.
وسعد هو الذي روى فيه أنس بن مالك رضي الله عنه قال:(لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون: ما أخف جنازته -يعني: لحكمه في بني قريظة- فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: إن الملائكة كانت تحمله) رواه الترمذي وإسناده صحيح.
وقد ثبت أن سبعين ألفاً من الملائكة نزلوا إلى الأرض لم ينزلوا إليها من قبل؛ ليشهدوا جنازة سعد الذي حكم في يهود بني قريظة ذلك الحكم المشهود.
أيها الإخوة! هذه بعض مواقف سعد الذي وافق حكمه حكم الله عز وجل من فوق سبع سماوات.