بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجهم واهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فموضوع هذا الدرس عن آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا وهي غزوة تبوك، وإن الإنسان لينظر اليوم إلى حال إلى الأمة الإسلامية فيرى عجباً، ويقرأ في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فيرى فيها من العبر والعظات ما يجعل اقتفاء أثر تلك السيرة أمراً واجباًً علينا جميعاً، وحديثنا عن هذه الغزوة -إن شاء الله تعالى- سيكون حديثاً موجزاً؛ لأن هذه الغزوة تحتاج إلى عدد من الدروس، وما دمنا سنوجز فسنضطر أحياناً إلى الاختصار، سواء كان في السياق أو في بعض الدروس.
وأقول في البداية: إن أول قضية سنعرض لها هو مجمل مختصر لسياق هذه الغزوة: هذه الغزوة سميت بغزوة تبوك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم متوجهاً إلى جهة الشام وكان في منطقة المنتصف بين المدينة ودمشق تقريباً قال صلى الله عليه وسلم: (إنا قادمون غداً إلى عين، فمن وصل منكم إليها فلا يمسها)، ولكن سبق إليها اثنان فمساها، فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على العين وجدها تسرب سرباً ضعيفاً، فقال للرجلين:(هل مسستماها؟ قالا: نعم.
فسبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وقد كانا يبوكانها -أي: يحركانها- ليزداد ماؤها، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تمس حتى تبقى عيناً فائضة، فسميت الغزوة من هذه الحادثة؛ لأنهما كانا يبوكان العين، أي: يحركانها.