[الجواب العملي على أعداء الإسلام]
الأمر الثاني: ينبغي أن يكون جوابناً عملياً لا نظرياً.
وقد عنونت للموضوع بعنوان: (الجواب ما تراه لا ما تسمعه)؛ لأن هذا هو الذي عرفناه من تاريخ الإسلام، وهذه العبارة قالها أحد خلفاء بني العباس، وهو هارون الرشيد.
وقد شوه المستشرقون والمبشرون وأذنابهم كـ جورجي زيدان وغيره تاريخ هذا الخليفة العباسي هارون الرشيد الذي كان يحج عاماً ويغزو عاماً.
هذا الخليفة أرسل إليه أحد ملوك الروم -واسمه نقفور - أرسل إليه خطاباً يتوعده فيه، ويقول له: إنك فعلت وفعلت، وكان قبلي من هو ضعيف، أما وقد أتيت فسأفعل وأفعل وأفعل.
يهدد المسلمين ويهدد الخليفة العباسي هارون الرشيد ويتوعده.
فماذا فعل هارون الرشيد؟ هل قابل هذا الهجوم بما نسمعه اليوم من صراخ وهجوم إعلامي كما نسمعه في قضية فلسطين؟ اليهود يخططون ويفعلون، ونحن إذا تكلمنا تكلمنا بصراخ ليس وراءه شيء.
أخذ هارون الرشيد الخطاب، ومن باب الاستهتار بصاحبه كتب على ظهره -لأنه لو كان مكرماً لحفظ الخطاب عنده وكتب له خطاباً جديداً- كتب على ظهره عبارة مختصرة يقول له فيها: من أمير المؤمنين هارون الرشيد إلى نقفور كلب الروم، الجواب ما تراه لا ما تسمعه.
وكان الجواب تطبيقاً عملياً لهذه الرسالة؛ بأن سير في يومه ذاك جيشاً لجباً انطلق من موطن الخلافة العباسية إلى بلاد الروم، فأدب نقفور ومن وراءه.
إذاً جواب هارون الرشيد هو الجواب العملي.
وأمام هذه الحرب الموجهة إلينا نحن -المسلمين- والمركزة في كثير من فنونها علينا نحن -الشباب- وعلى المرأة المسلمة نقول: ما الذي ينبغي أن يكون عليه جوابنا؟ إن الذي يجب أن يكون عليه جواب الشباب المسلم -بل وكل المسلمين- هو الجواب العملي، أن يقول المسلم فيه بلسان الحال لا بلسان المقال: يا أعداء الله! أنتم تحاربونني بكل الوسائل، فجوابي جواب عملي سأزداد فيه التزاماً، جوابي جواب عملي سأزداد فيه ثقة بديني وعقيدتي، جوابي فيه جواب عملي سأحرص على الصلاة ولن أتخلف عنها أبداً، جوابي فيه جواب عملي أتعلم فيه أمور ديني لأنه أعظم دين، جوابي فيه جواب عملي ألتقي فيه بإخواني من الشباب الطيب لنتآخى ونتآزر على الاستقامة والسير على المنهج الصحيح، جوابي جواب عملي أبتعد فيه عما حرم الله علي، تحاربونني بهذه الوسائل والأطباق! جوابي أنني أقاطعها عملياً، لا أكتفي فيها بالقيل والقال، وإن كنت أقول وأتكلم وأعظ الناس وأبين لهم، لكن واقع حالي هو أن جوابي هو الجواب العملي، أقاطع هذه الوسائل، أقاطع هذه الحرب الشعواء لألتف على نفسي وديني وعقيدتي وصلاتي وأخلاقي وإخواني المسلمين من الشباب الطيب.
فليكن الجواب جواباً عملياً، ليقل الواحد منا وهو يرى هذه الحرب الشعواء المتنوعة علينا نحن -المسلمين- ليقل فيها: جوابي لكم هو ما ترونه لا ما تسمعونه، انظروا إلى تجدوني شاباً ملتزماً، انظروا إلي تجدوني في المساجد أحافظ على الصلاة، انظروا إلي تجدوني معرضاً عن تلك المجتمعات والأسواق التي تعج بالمفسدين، انظروا إلي أحارب هذه الأطباق وهذه الوسائل الإعلامية المفسدة، جوابي عملي بأنني واثق بديني، واثق بربي، واثق بمنهاجي، أرجو فيه ثواب الله، أرجو بذلك السعادة والطمأنينة في الدنيا والفوز بجنات عرضها السماوات والأرض عند رب العالمين، وليس بيني وبين ذلك إلا أن تنتهي هذه الدنيا الدنية القصيرة لأرجع إلى ربي سبحانه وتعالى وما أعد لعباده المؤمنين مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
أرأيت كيف ينبغي أن يكون جوابنا نحن -المسلمين وأخص منهم الشباب- جواباً عملياً، يقول فيه لكل داعية إلى الفساد: الجواب ما تراه لا ما تسمعه، لن أقول كلاماً كثيراً، وإنما سأعمل كثيراً، سترى من حالي وشكلي، سترى من عباداتي وأعمالي، سترى من تصرفاتي وأخلاقي ما يدل على جوابي العملي.
ليكن الشاب المسلم وهو يسير في هذه الحياة شاباً يجيب أعداء الله وهم في أقصى مشرق الدنيا ومغربها، ويقول لهم: حاربوني بكل ما شئتم، حاربوني بكل الوسائل التي أعطيتم إياها، فوالله لن تجدوا مني إلا جواباً واحداً حقاً، هو أنني كلما حاربتموني ازددت تمسكاً وثباتا ًعلى ديني.
وهذا الجواب نفسه ينبغي أن تقوله المرأة المسلمة، حين يوجه الهجوم على حجابها وعلى عفافها، وتتنوع الوسائل التي تريد أن تنزع المرأة من عفتها وحشمتها وبيتها، لتخرج مقلدةً أهل الشرق والغرب من الكفار، ليكن جواب المرأة المسلمة وهي أم وزوجة وأخت هو: يا أيها المحاربون للمرأة المسلمة! يا أيها المدعون لتحريرها وهم كاذبون! يا أيها المنوعون لوسائل حربهم! الجواب ما ترونه لا ما تسمعونه، حاربوني في كل وسائل الإعلام، سيكون جوابي عملياً، زيادة في حجابي، زيادة في استقراري ببيتي، زيادة في توكلي على ربي وعبادتي لربي، زيادة في دعوتي إلى الله لأخوات مسلمات أدعوهن للتمسك بدين الله تبارك وتعالى، زيادة في بعدي عن كل بهرج وكل وسيلة تريد أن تفسدني، زيادة في كل عمل صالح يقربني إلى ربي تبارك وتعالى.
وليكن عنوان جوابها هو: (الجواب ما ترونه لا ما تسمعونه).