للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية العقيدة في حياة الإنسان والأسرة]

بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

أما بعد: أيها الإخوة! اعلموا أن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الإخوة! حديثنا في هذه الليلة عن العقيدة وأثرها في حياة الأسرة المسلمة، ونحن بادئ ذي بدء نقول للإخوة الذين أشرفوا على مثل هذه الدورة المباركة: جزاكم الله خيراً، وأجزل لكم المثوبة، ورزقنا وإياكم الإخلاص.

أيها الإخوة! لا تظنوا أن أمر العقيدة -في حياة الإنسان عموماً، وفي حياة الأسرة خصوصاً- هين ويسير، إن العقيدة قامت عليها السماوات والأرض، وربنا تعالى يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:٥٦ - ٥٨] تبارك وتعالى؛ ولهذا كان سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى يعنون بالعقيدة أولاً فيما يتعلق بالأمة كلها، ويعنون بالعقيدة فيما يتعلق بالأسرة في داخل البيت ثانياً وخصوصاً، ولقد كان الواحد من هؤلاء يعيش حياته كلها في ظل هذه العقيدة، داعياً إلى الله، وموجهاً ومربياً لأسرته، وبانياً لها على أسس عقدية ثابتة، وكان منهج سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى هو المنهج الحق الذي اتبعوا فيه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على ضوء فهم ومنهاج سلف الأمة رحمهم الله، الذين لم يغيروا ولم يبدلوا.

أيها الإخوة! إن كل واحد منا مسئول أمام ربه تبارك وتعالى عن هذا الدين، ومسئول عن هذه الأسرة، وقد قال سفيان بن حسين الواسطي: ذكرت رجلاً بسوء عند إياس بن معاوية المزني قاضي البصرة، فنظر في وجهي وقال: أغزوت الروم؟ قلت: لا، قال: والسند والهند والترك؟ -أي: أغزوت هذه؟ - قلت: لا، قال: فسلم منك الروم والسند والهند والترك ولم يسلم منك أخوك المسلم! قال سفيان: فلم أعد بعدها.

إذاً كانوا أمة لها اهتمامات كبرى لا تجعل شغلها فيما بينها حسداً وعداءً، وإنما تتحول الحياة كلها في هذه الأمة إلى بناء للأسرة، وبناء للأمة.

أيها الإخوة في الله! حديثي حول هذا الموضوع سيدور حول عدد من النقاط أبدؤها واحدة تلو الأخرى فأقول: أولاً: العقيدة لها أهمية كبرى في حياة الإنسان، ويكفي في بيان أهميتها أنه لا نجاة للعبد يوم القيامة حين يقف الخلق جميعاً بين يدي الله سبحانه وتعالى إلا لمن مات على عقيدة صحيحة قال تعالى: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:٨٨ - ٨٩] والعقيدة ليست تصديقاً قلبياً خاصاً داخل القلب لا يخرج عنه، بل العقيدة تشمل الحياة كلها، الأسرة وغير الأسرة، تشمل الأسرة والمجتمع، وتشمل الدولة، وكل شأن من شئون الحياة؛ لأن أي شريعة ونظام في هذه الحياة لابد أن ينبثق من عقيدة كما ستأتي الإشارة إلى ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>