للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نتلو القرآن تلاوة تدبر وتمعن]

حقائق القرآن عند المسلمين لا تتغير؛ لأنه كلام الله تعالى، يقول الله تبارك وتعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام:١١٥ - ١١٦].

ويقول تعالى مبيناً أن العاقبة والنصرة لرسل الله تعالى ولأتباعهم: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام:٣٤].

ويقول تعالى مبيناً اطلاعه وشهوده لجميع أعمال العباد -ومنها قراءتهم وتلاوتهم للقرآن- وكل شأن من شئونهم، ثم مبيناً أن أولياء الله لهم الأمن والبشرى في الدنيا والآخرة: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ * أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس:٦١ - ٦٤].

ويأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بتلاوة القرآن تلاوة تدبر وتمعن، فيقول تعالى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الكهف:٢٧]، والمعنى: اتبع القرآن؛ فإنه لا مبدل لكلمات الله، ولا خلف فيها، ولن تجد إن أعرضت عن اتباع القرآن وخالفته ملتحداً، أي: ملجأً تلجأ إليه وتميل.

وصدق الله تبارك وتعالى، فمن أعرض عن القرآن العظيم فإلى أين سيذهب؟! لن يجد، ولن تجد أمة الإسلام إن أعرضت عن القرآن العظيم ولم تتبعه وخالفته ملجأ آخر تلجأ إليه فينفعها في دنياها وأخراها، فكلمات الله الشرعية لا تبديل فيها ولا تغيير.

هكذا نتلو القرآن ونحن نعلم ونوقن بذلك يقيناً كاملاً أنه لا تبديل لكلمات الله ولا تغيير، فهي حق وصدق، وما أخبرت عنه من أخبار، وما ذكرت به من مواعظ وأمثال، وما بينته من أحكام وآداب كله كلمات الله لا تغيير ولا تبديل فيها أبداً.

كلمات الله الشرعية لا تبديل فيها، كما أن كلمات الله الكونية واقعة ولا تغيير فيها، ولا يملك لها أحد من الخلق مهما كان تحويلاً ولا تغييراً ولا تبديلاً.

أيها الأخ في الله! كلمات الله الكونية في أقداره بين العباد واقعة على الجميع، الحياة والموت، الصحة والمرض، الفقر والغنى، تحولات الأمم وتقلباتها، آيات الله المتنوعة التي يبتلي بها عباده في كل مكان، كل ما قدره الله تعالى كوناً فهو واقع لا محالة، ولا يستطيع أحد أن يرد شيئاً منه.

كذلك أيضاً كلمات الله الشرعية نقرؤها ونتلوها ونؤمن بها على أنها حق وصدق، ولا تبديل لها أبداً، ولقد كان من ضمن الآيات التي لا تبديل فيها قول الله تعالى عن إخوان القردة: {لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} [الحشر:١٤].

وجاءت أحداث الجدار الفاصل لتؤكد هذه الحقيقية القرآنية، وصدق الله تعالى: {وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [الأنعام:٣٤]، فهل تعي هذا أمة الإسلام؟ هل يعي هذا المسلمون؟ هل يعون هذه الحقائق القرآنية وأنه لا مبدل لكلمات الله؟ إننا سنقدم هذه النصيحة لجميع إخواننا المسلمين، ونقول لهم: اقرؤوا القرآن، وتدبروا معانيه، وأحضروا له قلوبكم، وافتحوا له صدروكم، تدبروه وأنتم على يقين أن هذا القرآن أولاً نورٌ ينير القلب والفؤاد، وينير للعبد حياته في جميع أحوالها، وينير للأمة الإسلامية مسيرها، قال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة:١٥ - ١٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>