[حالات الناس في حسن الخاتمة وسوئها]
وفي لحظة الموت تبرز حالتان كبريان ينقسم إليهما الناس: الأولى منهما: حسن الخاتمة.
والثانية: سوء الخاتمة.
وأبدأ بسوء الخاتمة، أسأل الله أن يعافني وإياكم منها.
سوء الخاتمة -أيها الأخ في الله- أن يأتي الموت الإنسان وهو غير مستعد له، وأعظم ما يكون من سوء الخاتمة الموت وهو على ضلالة وكفر ونفاق، أو على معصية، نسأل الله السلامة والعافية، فسوء الخاتمة على درجتين: أعلاهما وأخطرهما: أن يموت على شرك أو كفر، أو يموت جاحداً أو شاكاً في دين الإسلام، أو تاركاً للصلاة ونحو ذلك، فهذه خاتمة عنوانها هو الخسران المبين.
وحالة أخرى دونها: وهي أن يموت على الإسلام، لكن يموت مصراً على المعاصي غير تائب، فهذا له الحسرة بحسب ذلك، وحسبك بإنسان يموت وهو على مسكر، أو على عقوق والدين، أو ذاهب لخنى وفجور، أو يردد أغنية ماجنة، أو غير ذلك من أحوال سوء الخاتمة، نسأل الله السلامة والعافية.
وسوء الخاتمة لها أسباب يجب أن يقف عندها كل مسلم، ومنها فساد الاعتقاد، والإصرار على المعاصي، وسلوك طريق أهل الاعوجاج، والتعلق بالدنيا وعبادتها، ونسيان الآخرة، ومرافقة أصحاب السوء الذين قد يموت الإنسان وهو معهم.
أما الحالة الأخرى: فهي حسن الخاتمة التي تكون للمؤمنين الموفقين، وكم سمعنا من أحوال الصالحين الطيبة، ذلك الصالح الذي أحسن الله له الختام فاستعد لما أمامه بتوبة لربه سبحانه وتعالى، فذاك يموت في سبيل الله، وآخر يموت مهاجراً إلى الله ورسوله، وثالث يموت وهو ذاهب إلى الحج أو راجع منه، ورابع يموت وهو ذاهب إلى الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
وقد أُخْبِرتُ عن مجموعة من الأخيار ذهبوا إلى الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى في أقصى هذه البلاد، وبينما هم مسافرون لخطبة الجمعة وإلقاء بعض الدروس إذا بالحادث يأتي فيموت اثنان منهم ويصاب الثالث، أسأل الله تبارك وتعالى أن يتغمد الميتين برحمة منه وفضل، وأن يرزق الثالث الشفاء العاجل، إنها علامة -فيما نحسبهم والله حسيبهم- على حسن الخاتمة.
حال يموت فيها مؤمن وهو يصلي لله رب العالمين، رجل خطب الجمعة ثم لما صلى بالناس مات في السجود في الركعة الثانية، وآخر جلس يصلي لصلاة الظهر وبينما هو يصلي إذا به في الركعة الثالثة يسجد السجود الأخير، إنها من علامات حسن الخاتمة، وآخر ينتظر الصلاة فتذهب الروح إلى ربها سبحانه وتعالى وهو يسبح لله رب العالمين.
أحوال طيبة مباركة، أحوال خيرة، ما أسعد أصحابها أيها الأخ في الله! أما الاستعداد لحسن الخاتمة فمن وفقه الله تبارك وتعالى لذلك فليبادر إلى مسيرة جديدة، وإلى توبة نصوح قبل أن يأتيه الموت، ولا بد أنه آت {إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [يونس:٤٩].